الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                77 - الجامكية في الأوقاف لها شبه الأجرة وشبه الصلة وشبه الصدقة ، فيعطى كل شبه ما يناسبه فاعتبرنا شبه الأجرة في اعتبار زمن المباشرة وما يقابله من المعلوم والحل للأغنياء ، وشبه الصلة [ ص: 248 ] باعتبار أنه إذا قبض المستحق المعلوم ثم مات أو عزل فإنه لا يسترد منه حصة ما بقي من السنة ، وشبه الصدقة لتصحيح أصل الوقف فإنه لا يصح على الأغنياء ابتداء ، فإذا مات المدرس في أثناء السنة مثلا قبل مجيء الغلة وقبل ظهورها ، وقد باشر مدة 79 - ثم مات أو عزل ، ينبغي أن ينظر وقت قسمة الغلة إلى مدة [ ص: 249 ] مباشرته وإلى مباشرة من جاء من بعده ، ويبسط المعلوم على المدرسين ، وينظر كم يكون منه للمدرس المنفصل والمتصل ، فيعطى بحساب مدته ، ولا يعتبر في حقه اعتبار زمان مجيء الغلة وإدراكها كما اعتبر في حق الأولاد في الوقف ، 80 - بل يفترق الحكم بينهم وبين المدرس والفقيه وصاحب وظيفة ما وهذا هو الأشبه بالفقه والأعدل . 81 - كذا حرره الطرسوسي في أنفع الوسائل

                ثم اعلم أن اعتبار زمن مجيء الغلة في حق الأولاد في غير الأوقاف المؤجرة على الأقساط الثلاثة ، كل أربعة أشهر قسط ، فيجب اعتبار إدراك القسط فكل من كان مخلوقا قبل تمام الشهر الرابع حتى تم وهو مخلوق استحق القسط ومن لا فلا ، كما في فتح القدير

                التالي السابق


                ( 77 ) قوله : الجامكية في الأوقاف لها شبه بالأجرة إلخ قد يعارض هذا بما في التعليقة في المسائل الدقيقة لابن الصانع ونصه : ما يأخذه الفقهاء من المدارس ليس أجرة لعدم شرط الإجارة ، ولا صدقة ; لأن الغني يأخذها بل إعانة لهم على حبس أنفسهم في الاشتغال بالعلم حتى لو لم يحضر المدرس بسبب اشتغال أو تعليق جاز أخذه الجامكية

                ( انتهى ) .

                ولم يعزه ، قال ابن الشحنة في شرح المنظومة بعد نقله : لكن فيما تقدم قريبا عن قاضي خان ما يشهد له حيث علل بأن الكتابة من جملة التعليم وأجاب [ ص: 248 ] المصنف رحمه الله تعالى في البحر بحمله على الأوقاف على الفقهاء من غير حضور درس أياما معينة ، ولذا قال في القنية : الأوقاف ببخارى على العلماء لا يعرف من واقفيها شيء غير ذلك فللقيم أن يفضل البعض ويحرم البعض إن لم يكن الوقف على قوم يحصون وكذا الوقف على الذين يختلفون إلى هذه المدرسة أو على متعلمي هذه المدرسة أو على علمائها يجوز للقيم أن يفضل البعض ويحرم البعض ، وإن لم يبين الواقف قدر ما يعطي كل واحد ثم رقم الأوقاف المطلقة على الفقهاء قيل : الترجيح بالحاجة وقيل بالفضل ( انتهى ) .

                قال العلامة عمر بن نجيم في كتابه إجابة السائل : لا شك أن الحمل وإن كان صرف اللفظ على خلاف ظاهره لكن لا بد من صلاحية الكلام لقبوله وههنا في الوقف على الفقهاء مطلقا لما صحت الغاية في قوله : حتى لو لم يحضر المدرس حينئذ بل الظاهر إجراء الكلام على ظاهره كما فهمه شيخ الإسلام عبد البر بن الشحنة إذ نظمه فقال :

                وليس بأجر قط معلوم طالب فعن درسه لو غاب للعلم يعذر

                نعم لك أن تقول إن قوله ليس أجرة أي محضة ولا صدقة كذلك وليس للمدعي انتهى .

                ( 78 ) قوله : باعتبار أنه إذا قبض المستحق المعلوم إلخ قيل عليه : لا يجري على إطلاقه بل يجب أن تكون للشبهة دليل ما . تأمل

                ( 79 ) قوله : ثم مات في أثناء السنة قبل مجيء الغلة أقول ليس المراد به وقت نقلها من البيدر بل المراد به وقت انعقاد الزرع أو وقت صيرورة الزرع متقوما وقد أشار المصنف رحمه الله إلى ذلك بعطف قوله وإدراكها عليه عطف تفسير . [ ص: 249 ]

                ( 80 ) قوله : بل يفترق الحكم إلخ مبنى الافتراق في الحكم أن الوقف على الأولاد صلة محضة والوقف على المدرس ومن بمعناه ليس بصلة محضة بل له شبه بالأجرة ( 81 ) قوله : كذا حرره الطرسوسي إلخ ما قاله الطرسوسي قول المتأخرين وأما قول المتقدمين فالمعتبر وقت الحصاد ، فمن كان يباشر الوظيفة وقت الحصاد استحق من الأوقاف ، ومن لا فلا قال في جامع الفصولين : إمام المسجد رفع الغلة وذهب قبل المضي لا تسترد منه غلة السنة والعبرة لوقت الحصاد فإن كان الإمام وقت الحصاد يؤم في المسجد يستحق فصار كجزية وموت قاض في خلال السنة ( انتهى ) .

                وقد كتب المولى أبو السعود مفتي السلطنة السليمانية رسالة في هذا وحاصلها أن المتقدمين يعتبرون وقت الحصاد ، والمتأخرين يعتبرون زمن المباشرة والتوزيع




                الخدمات العلمية