الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
بيان الملازمة أن القصة واحدة . فلو اقتضت الواو الترتيب ، لكان الأمر بدخول الباب مقدما على الأمر بالقول لما دلت عليه الآية الأولى ، ولم يكن مقدما لما دلت عليه الآية الثانية . فيلزم التناقض .
وأما بطلان اللازم ; فلأن التناقض كذب ، والكذب على الله تعالى محال .
[ ص: 268 ] الثاني : أنها لو كانت للترتيب لما صح قول القائل : " تقاتل زيد وعمرو " والتالي باطل ; لأن أهل اللغة أجمعوا على صحته ، فيلزم بطلان المقدم .
بيان الملازمة أن قولنا : " تقاتل " يقتضي الأخذ في الفعل معا ; لأنه من باب [ التفاعل ] وهو يقتضي حصول الفعل من الجانبين معا ، وهو ينافي الترتيب الذي هو مقتضى الواو حينئذ .
الثالث : أنها لو كانت للترتيب لكان قولنا : جاء زيد وعمرو بعده ، تكريرا ; لإفادة الواو البعدية . ولكان : جاء زيد وعمرو قبله ، تناقضا ; لأن الواو يفيد البعدية وهي تناقض القبلية . والتالي باطل بالإجماع ، فالمقدم مثله .
أجاب المصنف عن الوجوه الثلاثة بمنع الملازمة ; فإنه يجوز أن يكون استعماله في الصور المذكورة بطريق المجاز وإن كانت حقيقة في الترتيب ، لما سنذكر من الدلالة على كونها حقيقة للترتيب . فلا يلزم شيء مما ذكرتم من المحالات . فإن قيل : الأصل في الاستعمال ، الحقيقة ، فيكون استعماله في هذه الصور أيضا بطريق الحقيقة .
أجيب بأنه استعمل في الترتيب أيضا كما سيذكر . والأصل في الاستعمال الحقيقة . فلو لم يكن استعماله في هذه الصور مجازا ، للزم الاشتراك . nindex.php?page=treesubj&link=22506واللفظ إذا دار بين المجاز والاشتراك فالمجاز أقرب .
[ ص: 269 ] ولقائل أن يقول : إذا كانت الواو مستعملة في كل واحد من الترتيب والمعية ، فليس جعله حقيقة في الترتيب مجازا في المعية ، أولى من عكسه . فتعين المصير إلى أن تجعل حقيقة للقدر المشترك بينهما ، وهو الجمع المطلق . وحينئذ يصح الاستدلال بالوجوه الثلاثة على أنها ليست للترتيب .