(فصل) ولما كان بيان مراد الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الأبواب لا يتم إلا بدفع المعارض العقلي، وامتناع تقديم ذلك على نصوص الأنبياء، بينا في هذا الكتاب فساد القانون الفاسد الذي صدوا به الناس عن سبيل الله، وعن فهم مراد الرسول وتصديقه فيما أخبر، إذ كان أي دليل أقيم على بيان مراد الرسول لا ينفع إذا قدر أن المعارض العقلي القاطع ناقضه، بل يصير ذلك قدحا في الرسول، وقدحا فيمن استدل بكلامه، وصار هذا بمنزلة المريض الذي به أخلاط فاسدة تمنع انتفاعه بالغذاء، فإن الغذاء لا ينفعه مع وجود الأخلاط الفاسدة التي تفسد الغذاء، فكذلك أو نفي عموم خلقه لكل شيء، أو نفي أمره ونهيه، أو امتناع المعاد، [ ص: 21 ] أو غير ذلك، لا ينفعه الاستدلال عليه في ذلك بالكتاب والسنة إلا مع بيان فساد ذلك المعارض. القلب الذي اعتقد قيام الدليل العقلي القاطع على نفي الصفات أو بعضها،
وفساد ذلك المعارض قد يعلم جملة وتفصيلا.