وكان المقصود ما ذكروه في ولهذا لم يعتمد تناهي الحوادث، في مسألة الآمدي على شيء من هذه الطرق، بل بين ضعفها، واحتج بما هو مثلها أو دونها في الضعف، وهو أن حدوث العالم وهذا الدليل مبني على مقدمتين: على أن كل عرض في زمان، فهو لا يبقى زمانين، وجمهور العقلاء يقولون: إن هذا مخالف للحس والضرورة، وعلى امتناع حوادث لا أول لها، وقد عرف الكلام في ذلك، والوجوه التي ضعف بها الأجسام لا تنفك عن الأعراض، والأعراض لا تبقى زمانين، فتكون حادثة، وما لا ينفك عن الحوادث فهو حادث، ما احتج به من قبله على حدوث الأجسام يوافق كثير منها ما ذكره الآمدي وهو متقدم على الأرموي، الأرموي.
فإما أن يكون رأى كلامه وأنه صحيح فوافقه، وإما أن يكون وافق الخاطر الخاطر، كما يوافق الحافر الحافر، أو أن يكون الأرموي الآرموي أخذا ذلك أو بعضه من كلام والآمدي الرازي أو غيره.
وهذا الاحتمال أرجح، فإن هذين وأمثالهما وقفوا على كتبه التي فيها هذه [ ص: 31 ] الحجج، مع أن تضعيفها مما سبق هؤلاء إليه كثير من النظار. ومن تكلم من النظار ينظر ما تكلم به من قبله، فإما أن يكون أخذه عنه، أو تشابهت قلوبهم.
وبكل حال فهما - مع الرازي ونحوه - من أفضل بني جنسهم من المتأخرين، فاتفاقهما دليل على قوة هذه المعارضات، لا سيما إذا كان الناظر فيها ممن له بصيرة من نفسه يعرف بها الحق من الباطل في ذلك، بل يكون تعظيمه لهذه البراهين لأن كثيرا من المتكلمين من هؤلاء وغيرهم اعتمد عليها في حدوث الأجسام، فإذا رأى هؤلاء وغيرهم من النظار قدح فيها وبين فسادها علم أن نفس النظار مختلفون في هذه المسالك، وأن هؤلاء الذين يحتجون بها هم بعينهم يقدحون فيها، وعلى القدح فيها استقر أمرهم، وكذلك غيرهم قدح فيها، وغيره. كأبي حامد الغزالي
وليس هذا موضع استقصاء ذكر من قدح في ذلك. وإنما المقصود القدح في هذه المسالك التي يسمونها براهين عقلية ويعارضون بها نصوص الكتاب والسنة وإجماع السلف. ثم إن نفس حذاقهم قدحوا فيها.