الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 366 - 367 ] وله أن ينتقل ; إلا أن يلتزم : فتأويلان ، وإن اختلفا ابتدئ ، والأولى كونهما بمجلس ، ونقض إن تبين الخطأ ، وفي الجنين والبيض : عشر دية الأم ولو تحرك ، [ ص: 368 ] وديتها إن استهل .

التالي السابق


( وله ) أي المحكوم عليه بجزاء صيد ( أن ينتقل ) عما حكما عليه به بأن يريد حكما آخر منهما أو من غيرهما فليس المراد أن له الانتقال من غير حكم في كل حال ( إلا أن يلتزم ) ما حكما عليه به ( فتأويلان ) في جواز الانتقال عنه وعدمه المعتمد منهما الأول ، ومحلهما إذا عرف ما حكما عليه به والتزمه كما في التوضيح لا إن التزمه من غير معرفة ، والتأويل بعدم الانتقال لابن الكاتب وابن محرز والتأويل بالانتقال للأكثر .

( وإن اختلفا ) أي : الحكمان في قدر ما حكما عليه به أو نوعه أو أصل الحكم ( ابتدئ ) بضم المثناة وكسر الدال المهملة أي الحكم منهما أو من غيرهما أو من أحدهما مع غير صاحبه ( والأولى ) بفتح الهمز ( كونهما ) أي : الحكمين حين الحكم ( بمجلس ) واحد ليطلع كل منهما على رأي الآخر ( ونقض ) بضم فكسر أي حكمهما منهما أو من غيرهما ( إن تبين الخطأ ) تبينا واضحا كحكم بشاة فيما فيه بقرة أو بدنة أو ببقرة أو بعير فيما فيه شاة أو إطعام ، وظاهره ولو رضي المحكوم عليه بذلك .

( وفي ) التسبب في إسقاط ( الجنين ) ميتا وأمه حية من محرم مطلقا أو حل في الحرم أي : كل جنين لوحشية ( و ) في كل واحدة من ( البيض ) لغير إوز ودجاج غير المذر إذا كسرها محرم مطلقا أو حل في الحرم سواء كان فيه فرخ وخرج ميتا بعد كسره أو لم يكن فيه فرخ ( عشر ) بضم العين ( دية ) أي : جزاء ( الأم ) للجنين أو البيض إن لم يتحرك الجنين أو الفرخ بل ( ولو تحرك ) الجنين أو الفرخ عقب انفصاله حركة ضعيفة لا [ ص: 368 ] تدل على استقرار حياته ، فإن تحقق موت الجنين أو الفرخ قبل التسبب في إسقاطه فلا شيء فيه .

( و ) في الجنين والبيض ( ديتها ) أي : جزاء الأم ( إن ) مات بعد أن ( استهل ) الجنين أو الفرخ صارخا عقب انفصاله عن أمه حية أو عن بيضته أي : جزاء كجزاء أمه في كونه يجزئ ضحية لقوله فيما مر والصغير كغيره ، ولذا قال : ديتها ولم يقل ديته ، ولمناسبته لقوله عشر دية أمه والظاهر أن مثل استهلاله سائر ما تتحقق حياته به ككثرة رضاع فيما يرضع ، فإن استهل ومات وماتت فجزاءان ، فإن لم يستهل وماتت اندرج في جزائها فالصور أربع ; لأنه إما أن يستهل أو لا ، وفي كل إما أن ينفصل عنها حية أو ميتة فإن استهل وماتا فديتان ، وإن استهل ومات أحدهما فديته فقط كما إذا لم يستهل وماتت الأم ، فإن لم تمت ففيه العشر ولا شيء في المذر . وكذا الممروق الذي اختلط صفاره ببياضه أو ما وجد فيه نقطة دم على الظاهر إذ لا يتخلق منهما فرخ .

وظاهر قوله والبيض ولو أتلف أكثر من واحدة في فور ولو وصل لعشر وهو قول أبي عمران ، لو كسر عشر بيضات لكان في كل بيضة عشر لا شاة عن مجموعها ; لأن الهدي لا يتبعض كمن قتل من اليرابيع ما يبلغ قدر شاة فلا تجمع فيها ، واستظهر ابن عرفة في البيض خلافه وأنه يؤدي في العشر بيضات شاة . وفرق بينها وبين اليرابيع بأن العشر بيضات أجزاء كل بخلاف اليرابيع ، فإنها جزئيات قائمة بنفسها .

وكذا يقال في الأجنة ، ويخير في الجنين أو البيض بين عشر قيمة أمه من الطعام وعد له صياما يوما مكان مد أو كسره إلا بيض حمام مكة والحرم ففيه عشر قيمة الشاة طعاما فإن تعذر صام يوما ، ولما كانت دماء الحج ثلاثة فدية وجزاء وهدي ، وقدم الكلام على الفدية والجزاء .




الخدمات العلمية