الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 171 ] ولزم يوم إن نذر ليلة ، لا بعض يوم وتتابعه في مطلقه ، ومنويه حين دخوله : كمطلق الجوار ، [ ص: 172 ] لا النهار فقط فباللفظ ولا يلزم فيه حينئذ : صوم ، وفي يوم دخوله : تأويلان ، وإتيان ساحل لناذر صوم به مطلقا ، .

التالي السابق


( ولزم يوم ) أي اعتكافه ( إن نذر ) أن يعتكف ( ليلة ) وعكسه أولى . ونص على الأصلي ردا على من قال لا يلزمه شيء لنذره ما لا يصح صومه ( لا ) يلزمه شيء إن نذر أن يعتكف ( بعض يوم ) . القرافي لو نذر عكوف بعض يوم فلا يصح عندنا ، خلافا للشافعي رضي الله تعالى عنه . وما ذكر من عدم لزوم شيء اتفق عليه ابن القاسم وسحنون رضي الله تعالى عنهما مع اختلافهما فيمن نذر صلاة ركعة أو صوم بعض يوم ، فقال ابن القاسم يلزمه صلاة ركعتين وصوم يوم . وقال سحنون لا يلزمه شيء والفرق ضعف الاعتكاف وقوة الصلاة والصوم بكونهما من أركان الإسلام .

( و ) لزم ( تتابعه ) أي الاعتكاف ( في ) نذر ( مطلقه ) أي : اعتكاف مطلق عن التقييد بتتابع أو عدمه ; لأنه سنته وأولى إن قيده بالتتابع لفظا أو نية ، فإن قيده بالتفريق فلا يلزمه ; لأنه ليس مندوبا فله تتابعه وتفريقه ( و ) لزم ( منويه ) أي ما نواه من عدد الأيام أو التتابع ( حين دخوله ) أي : المعتكف المسجد لاعتكاف متطوع به ، فإن نوى حينه عشرة أيام لزمته ، وإن نوى تتابعها حينه لزمه . وكذا إن لم ينو شيئا وإن نوى التفريق فلا يلزمه والفرق بين الاعتكاف ونذر صوم سنة أو شهر أو أيام استغراق الاعتكاف الليل والنهار ، فشأنه التتابع كأجل الإجارة والخدمة واليمين والدين واعتياده فيه والصوم قاصر على اليوم ، فكيفما فعله متتابعا أو متفرقا وأوفى العدة فقد جاء بنذره .

وشبه في جميع ما تقدم من أحكام الاعتكاف فقال ( ك ) نذر ( مطلق الجوار ) بمسجد بضم الجيم وكسرها أي : الذي لم يقيد بنهار ولا ليل ، فيلزم تتابعه إن نواه أو لم ينو شيئا وإن نوى عدمه فلا يلزمه ، ويلزم صومه فيه ويمنع فيه ما يمنع في الاعتكاف ويبطله [ ص: 172 ] ما يبطله ، سواء نذره أو نواه حين دخوله . فمن قال لله علي أن أجاور المسجد يوما مثلا فهو نذر اعتكاف بلفظ جوار فلا فرق في المعنى بين قوله أعتكف مدة كذا أو أجاورها واللفظ لا يراد لعينه ، وإنما لمعناه . الرماصي المناسب كالجوار المطلق للفرق بين مطلق الماهية المطلقة فإن قيده بالفطر لفظا أو نية فلا يلزم إلا باللفظ :

وإليه أشار بقوله ( لا ) يلزم الجوار المقيد ب ( النهار ) أو الليل ( فقط ) أو الفطر بنيته حين دخوله ( ف ) إن نذره ( باللفظ ) بأن قال : لله علي أن أجاور المسجد يوم كذا فقط أو ليلة كذا فقط أو الليل والنهار مفطرا لزمه واقتصر على النهار ليرتب عليه قوله ( ولا يلزم ) فيه ( حينئذ ) أي : حين تقييده بالنهار ( صوم ) وأما المقيد بالليل أو الفطر فلا يتوهم لزوم الصوم فيه حتى يحتاج لنفيه ، أي : ولا يلزم المجاور حين تقييده بالنهار في حال نذره صوم ولا غيره من لوازم الاعتكاف ، لكن لا يخرج لعيادة مريض ونحوها ; لأنه ينافي نذره المجاورة في المسجد نهاره . ويخرج لما يخرج له المعتكف لا لغيره ، وإن نوى جوارا مقيدا بفطر أكثر من يوم فلا يلزمه بدخوله المسجد ما بعد يوم دخوله .

( وفي ) لزومه إكمال ( يوم دخوله ) وعدم لزومه وهو الأرجح ( تأويلان ) أي : فهمان لشارحيها فإن نوى يوما فقط لا يلزمه إكماله اتفاقا خلاف ما أفاده الحط وبعض الشراح كمن نوى جوار مسجد ما دام فيه أو وقتا معينا فلا يلزمه أفاده عب . البناني فيه نظر ; إذ ما في المواق إنما هو فرض مسألة وما في الحط صريح ومثله في التوضيح والشارح واعتمده اللقاني ( و ) لزم ( إتيان ساحل ) أي محل رباط وحراسة من عدو كدمياط وجدة وإسكندرية وعسقلان وطرابلس ( لناذر صوم ) أو صلاة ( به ) أي : في الساحل ( مطلقا ) عن التقييد بكونه ليس بمحل أفضل من الساحل كأحد المساجد الثلاثة وأولى إتيان أحدها لناذر صوم أو صلاة به وصرح به فيها .




الخدمات العلمية