الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وجاز ) بلا خلاف ( نكاح التفويض و ) نكاح ( التحكيم ) ونكاح التفويض ( عقد بلا ذكر ) أي تسمية ( مهر ) ولا دخول على إسقاطه ويزداد في نكاح التحكيم وصرف تعيينه لحكم شخص ( بلا وهبت ) من تتمة التعريف فإن قال : وهبتك ابنتي قاصدا بذلك إنكاحها مع إسقاط الصداق فسخ قبل ويثبت بعد بصداق المثل بخلاف ما لو قال : وهبتها لك تفويضا فإنه من نكاح التفويض بقرينة قوله تفويضا [ ص: 314 ] فإن عين مهرا فنكاح تسمية كما تقدم ( وفسخ إن وهبت ) بالبناء للمفعول و ( نفسها ) تأكيد للضمير المستتر أي وهبت هي لا مهرها وإلا فهي ما قبلها وسواء كان الواهب لها وليها أو هي .

( قبله ) متعلق بفسخ أي قبل البناء ويثبت بعد بصداق المثل ( صحح ) أي صحح الباجي ( أنه ) أي أن هبة ذاتها ليست من النكاح في شيء بل هو ( زنا ) يفرق بينهما ، ولو بعد الدخول ويحدان ولا يلحق به الولد وهو ضعيف والمعتمد الأول ( واستحقته ) أي صداق المثل المفهوم من المقام أو المهر المذكور في قوله بلا ذكر مهر أي استحقت مهر مثلها ( بالوطء ) ولو حراما من بالغ في مطيقة حية لا ميتة ( لا بموت ) قبل البناء ، وإن ثبت لها الإرث ( أو طلاق إلا أن يفرض ) لها دون المثل فيهما ( وترضى ) به فلها جميعه في الموت ونصفه في الطلاق فإن فرض المثل لزمها ولا يعتبر رضاها ( و ) لو فرض دون المثل ، ثم طلق أو مات وادعت الرضا به ( لا تصدق فيه ) أي في الرضا ( بعدهما ) أي بعد الطلاق أو الموت ولا بد من بينة تشهد بأنها رضيت ( ولها ) أي للزوجة في نكاح التفويض ( طلب التقدير ) أي الفرض ولها عدم الطلب وهذا ما لم يقصد الدخول عليها قبل الفرض [ ص: 315 ] وإلا فيكره لها أن تمكنه من نفسها قبل الفرض ( ولزمها فيه ) أي في التفويض .

التالي السابق


( قوله : ونكاح التفويض عقد بلا ذكر مهر إلخ ) عبارة ح قوله : عقد بلا ذكر مهر تفسير لنكاح التفويض والتحكيم ; لأنه لما جمع النوعين فسرهما بالقدر المشترك بينهما وهو عدم ذكر المهر ولكل من النوعين فصل يمتاز به فيمتاز التفويض بزيادة لم يصرف تعيينه لحكم أحد ويمتاز التحكيم بزيادة صرف تعيينه لحكم أحد كما إذا تزوج امرأة على حكم فلان فيما يعينه من مهرها وإذا علمت هذا تعلم أن جعل الشارح كلام المصنف تعريفا للتفويض فقط فيه نظر ، وأما تعليله بقوله ويزاد إلخ أي لأنه يزاد إلخ يقال عليه كما يزاد ما ذكر في التحكيم يزاد في التفويض ما مر عن ح . والمصنف لم يذكر واحدا من القيدين فتعين أن يكون تعريفا لهما بالقدر المشترك بينهما .

( قوله : بلا ذكر مهر ) صفة لقوله عقد وقوله : بلا [ ص: 314 ] وهبت حال من النكرة المخصصة وهي عقد ; لأنها خصصت بالصفة فاندفع ما يقال : إن فيه تعلق حرفي جر بعامل واحد .

( قوله : فإن عين مهرا ) بأن قال : وهبتها لك بصداق قدره كذا ، أو قال : وهبتها لك بكذا .

( قوله : وفسخ إن وهبت نفسها إلخ ) هذه صورة أخرى غير التي قبلها ; لأن الأولى قصد فيها الولي النكاح وهبة الصداق وهذه لا خلاف في أنه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل والفرض أن هبة المهر قبل الدخول ، وأما بعده فالهبة ماضية والنكاح صحيح ولا فسخ ولا شيء ، وأما هذه فقصد فيها هبة نفس المرأة لا النكاح ولا هبة الصداق قال في التوضيح قال ابن حبيب والحكم فيها الفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل واعترضه الباجي وقال : إنه يفسخ قبل البناء وبعده وهو زنا ويجب فيه الحد وينتفي الولد انظر ح .

( قوله : بالبناء للمفعول ) هذا الضبط أولى من بناء الفعل للفاعل لشمول الأول لما إذا كان الواهب لها وليها أو هي ، وأما الثاني فهو قاصر على ما إذا وقعت الهبة منها .

( قوله : تأكيد للضمير المستتر ) أي الذي هو نائب الفاعل واعترض بأنه لا يصح كونه توكيدا ; لأن ضمير الرفع المتصل لا يؤكد بالنفس أو العين إلا بعد توكيده بضمير منفصل وليس بموجود هنا قال في الخلاصة : وإن تؤكد الضمير المتصل بالنفس والعين فبعد المنفصل . عنيت ذا الرفع إلخ فالصواب أن يجعل نفسها هو نائب الفاعل أي وهبت ذاتها .

( قوله : وإلا فهي ما قبلها ) أعني قوله بلا وهبت وقوله : سابقا وبإسقاطه .

( قوله : ليست من النكاح في شيء ) لأن تمليك الذات مناف للنكاح .

( قوله : واستحقته بالوطء ) أي في نكاح التفويض ، وحاصله أن المرأة لا تستحق صداق مثلها في نكاح التفويض إلا بالوطء ، ولو حراما لا بموت أحدهما قبل الدخول ، وإن كان لها الميراث ولا بطلاق قبل البناء ، ولو بعد إقامتها سنة فأكثر في بيت زوجها وانظر نكاح التحكيم هل تستحق فيه صداق المثل بالوطء أو لا تستحق إلا ما حكم به المحكم ، ولو حكم به بعد موت أو طلاق فإن تعذر حكمه بكل حال كان فيه صداق المثل بالدخول ا هـ عدوي وهذا إنما يظهر على التأويل الأخير فيما يأتي تأمل .

( قوله : أو طلاق ) أي قبل البناء .

( قوله : إلا أن يفرض لها دون المثل فيهما ) أي في الموت والطلاق .

( قوله : وترضى به ) أي ويثبت بالبينة أنها رضيت بذلك قبل الموت أو الطلاق .

( قوله : فإن فرض المثل لزمها ) أي لزمها النكاح بما فرضه واستحقت ذلك المفروض بالموت قبل البناء وتشطر بالطلاق ولا يعتبر رضاها والحاصل أن اشتراط المصنف الرضا محمول على ما إذا كان المفروض لها أقل من صداق المثل أما إن كان المفروض لها صداق المثل فلا يحتاج إلى رضاها ، إذ هو لازم لها تستحقه بالموت وتشطر بالطلاق .

( قوله : ولا تصدق إلخ ) حاصله أن الزوج إذا ثبت أنه فرض لزوجته في نكاح التفويض دون مهر المثل ولم يثبت رضاها به حتى طلقها أو مات عنها قبل البناء فبعد الطلاق أو الموت ادعت أنها كانت رضيت بما فرض لها من ذلك فإن دعواها بذلك لا تقبل بمجردها ولا بد من بينة تشهد بأنها رضيت بذلك قبلهما فلو ثبت أنه فرض لها صداق المثل قبل الموت أو الطلاق ولم يثبت رضاها به فلما مات أو طلقها ادعت أنها كانت رضيت به قبل الموت أو الطلاق كان لها الجميع في الموت والنصف في الطلاق لما علمت أنه إذا فرض لها صداق المثل لزمها ولا يعتبر رضاها ، وأما إذا لم يثبت أنه فرض لها قبل الموت أو الطلاق وإنما ادعت ذلك بعدهما فلا تصدق سواء ادعت أنه فرض لها صداق المثل أو أقل

والحاصل أن عندنا حالتين أن يثبت أنه فرض لها وفي هذه يفصل بين كون المفروض صداق المثل أو أقل والثانية أن لا يثبت فرضه لها قبلهما وإنما ادعت ذلك بعدهما وفي هذه لا تصدق مطلقا .

( قوله : أي في الرضا ) أي المفهوم من قوله وترضى .

( قوله : ولها طلب التقدير ) يعني أن الزوجة في نكاح التفويض لها أن تمنع نفسها من الزوج وتطلب منه أن يفرض لها صداقا تعلمه قبل [ ص: 315 ] الدخول لتكون على بصيرة من ذلك ولها أن لا تطلبه بذلك وإذا فرض لها شيئا فليس لها أن تمنع نفسها حتى تقبضه بل تجبر على التمكين وما مر من أن لها منع نفسها حتى تقبض ما حل من الصداق خاص بنكاح التسمية كذا قال ابن شاس وقيل لها المنع حتى تقبض ما فرضه لها كنكاح التسمية وهو قول اللخمي انظر بن .

( قوله : وإلا فيكره إلخ ) أي وحينئذ فيندب لها طلب التقدير قبل الدخول .

( قوله : ولزمها ) أي المقدر وهو المفروض كما يلزمه ذلك أيضا




الخدمات العلمية