الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                361 - حادثة : ادعى أنه غرس أثلا في أرض محدودة بكذا من مدة ثماني عشر سنة ، على أن الأرض إن ظهر لها مالك دفع أجرتها ، وإن المدعى عليه يتعرضه بغير حق وطالبه بذلك ، فأجابه المدعى عليه بأن الأثل المذكور غرسه مستأجر الوقف له ، فأحضر المدعي شاهدين شهدا بأنه غرسه من المدة المذكورة ، وزاد أحدهما بأنه واضع اليد عليه ، فحكم القاضي بالملك للمدعي ولم يطلب البينة من المدعى عليه فسئلت عن الحكم ، فأجبت بأنه غير صحيح ; لأن المدعي لم [ ص: 432 ] يبين فيها أنه خارج أو ذو يد ، وعلى كل لا موافقة بين الدعوى والشهادة .

                والحاصل أن القاضي يستأنف الدعوى ; فإن ذكر المدعي أن المدعى عليه واضع اليد وأنه خارج 362 - وصدقه المدعى عليه على وضع اليد أو برهن عليه ثم برهن على الغرس وشهدا على طبق الدعوى طلب من الناظر البرهان ، فإن برهن على ما ادعى قدم برهان الخارج ; لأن الغرس مما يتكرر فليس كالنتاج ، وإن ذكر المدعي أنه واضع اليد وأن الناظر المدعى عليه يعارضه وبرهن ، فبرهن الناظر على غراس المستأجر ، قدم برهان الناظر لكونه خارجا ، وهل الترجيح لبينة الناظر لكونها تثبت الغرس بحق ، والأولى تثبته غصبا ؟ قلت : لا ترجيح بذلك .

                ثم سئلت لو أرخا في الغرس ؟ فأجبت بتقديم بينة الخارج ، إلا إذا سبق تاريخ ذي اليد فيقدم ، 363 - لأن الغرس مما يتكرر .

                وقال الزيلعي : إنه بمنزلة الملك المطلق وهذا حكمه ، ثم رأيت في غصب القنية لو غرس المسلم في أرض مسبلة كانت سبيلا ( انتهى ) .

                فمقتضاه أن يكون الأثل وقفا [ ص: 433 ] إلا إذا كانت الأرض وقفا على أبناء السبيل ، وظاهر ما في الإسعاف أنه لو غرس في الوقف ولم يغرس له كانت ملكا له لا وقفا . 365 -

                وذكر في خزانة المفتين من الوقف حكم ما إذا غصب أرضا وبنى فيها أو غرس

                التالي السابق


                ( 361 ) قوله :

                ( حادثة ) .

                إلخ .

                قيل : والأصل نوع من الطرفاء والطرفاء بالتركي أيلغون أغاجي يغرس اليوم في نواحي القاهرة لأجل الاحتطاب ويسقى .

                [ ص: 432 ] قوله :

                وصدقه المدعى عليه .

                أقول فيه : إن اليد لا تثبت بالعقار بالمصادقة بل بالبينة أو علم القاضي كما قدمه فتأمل .

                ( 363 ) قوله :

                لأن الغرس مما يتكرر .

                علة لتقديم بينة ذي اليد إذا سبق تاريخها على بينة الخارج ; لأن الغرس إذا كان مما يتكرر لا يدل على أولية الملك فتقدم بينة ذي اليد على بينة الخارج .

                [ ص: 433 ] قوله : إلا إذا كانت الأرض وقفا على أبناء السبيل .

                يعني فلا يكون الغرس وقفا .

                أقول : لم يظهر لي وجهه فلينظر .

                ( 365 ) قوله :

                وذكر في خزانة المفتين إلخ .

                أقول : الحكم مذكور في الكنز وغيره من المتون ، فلا داعي إلى الإغراب بالعزو إلى خزانة المفتين




                الخدمات العلمية