الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                19 - دين العباد مانع من وجوبها . [ ص: 56 ] إلا المهر المؤجل إذا كان الزوج لا يريد أداءه

                التالي السابق


                ( 19 ) قوله : دين العباد مانع إلخ . أي الدين الذي مطالب من العباد كثمن المبيع والأجرة لأنه إذا لم يكن له مطالب كدين النذر والكفارات لا يمنع لأنه لا يحبس به في الدنيا ، فإن قيل : إن دين الزكاة في الأموال الباطنة لا يمنع وجوب الزكاة ولا مطالب له قلنا : حق الأخذ فيها للإمام كما في السوائم إلا أن الملاك نوابه كذا في المستصفى شرح النافع وفي تجريد الإيضاح : النفقة لا يمنع وجوب الزكاة ما لم يقض بها فإذا قضي بها منعت ، وأما دين الزكاة فيمنع وجوب الزكاة عند الإمام وعند محمد في الأموال الباطنة والظاهرة ، وصورته إذا كان له نصاب من الأثمان أو السوائم فحال الحول ووجبت الزكاة ثم حال الحول ثانيا لم تجب الزكاة للحول الثاني ، سواء كان في العين بأن [ ص: 56 ] كانت العين قائمة أو في الذمة باستهلاك النصاب . وقال زفر دين الزكاة لا يمنع الزكاة وقال أبو يوسف : إذا كانت في العين منعت الزكاة وإن كانت في الذمة لا تمنع ( انتهى ) .

                وفي شرح الجامع الصغير للتمرتاشي : دين الزكاة يمنع وجوب الزكاة سواء كان دينا لحقه باستهلاك النصاب أو دينا لحقه بوجوب الزكاة وقال أبو يوسف رحمه الله : وجوب الزكاة في النصاب يمنع لأنه استحق جزءا من النصاب فيكون ناقصا ودين الزكاة بأن استهلك مال الزكاة ثم ملك مالا آخر لا يمنع لأن الزكاة عبادة فلا تمنع وجوب الزكاة كالحج : وقال في الجامع : دين زكاة السائمة يمنع فقط لأن له مطالبا وهو الساعي وفي المنتقى عن محمد : دين الكفالة يمنع مطلقا . وفي النوادر : إن كانت بأمر لا تمنع ولا أمر تمنع ( انتهى ) .

                وبما قررنا به كلام المصنف سقط ما عساه أن يقال : كما يمنع دين العباد يمنع دين الله تعالى إن كان له مطالب من العباد . قال في البزازية بعد كلام : والحاصل أن كل دين له مطالب من العباد يمنع كان لله تعالى أو كان للزكاة والعشر والخراج أو للعباد كالثمن والأجرة ونفقة المحارم ، وما لا مطالب له كالنذر والكفارة والحج لا يمنع ( انتهى ) .

                فلو قال المصنف رحمه الله : وكل دين له مطالب من العباد مانع وجوبها لكان أولى . ( 20 ) قوله : إلا المهر المؤجل . في شرح الجامع الصغير للتمرتاشي ذكر البزدوي في جامعه عن البعض : دين المهر لا يمنع إذا لم يكن الزوج على عزم الأداء لأنه لا يعد دينا وفي الإسبيجابي يمنع مؤجلا كان أو لم يكن . وفي طريقة الصدر الشهيد : الدين المؤجل هل يمنع ؟ لا رواية فيه إن قلنا لا فله وجه وإن قلنا يمنع فله وجه




                الخدمات العلمية