الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اشتركا بغير مال ، على أن يشتريا الرقيق بوجوههما ، فما اشتريا فهو بينهما لهما ربحه وعليهما وضيعته ؟ قال : ما سمعت من مالك في هذا شيئا ، ولا تعجبني هذه الشركة ، مثل ما قال في الشريكين اللذين أخبرتك بهما ، يشتريان ويبيعان ، هذا في بلد وهذا في بلد ، ولا رأس مال لهما . قلت : فإن اجتمعا في صفقة واحدة ، فاشتريا رقيقا بوجوههما وليس لهما رأس مال ؟ قال : قال مالك : كله جائز ، والشركة في هذه الرقيق إذا اجتمعا في شرائهما في صفقة واحدة ، كانت الرقيق بينهما وهما شريكان في هذه الرقيق . قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم ، [ ص: 594 ] هذا قول مالك ، لأن رجلين لو اشتريا رقيقا بنسيئة ، كان شراؤهما جائزا وكان الرقيق بينهما . قلت : فإن اشتريا هذه الرقيق في صفقة بالدين ، على أن كل واحد منهما حميل بما على صاحبه ، أيجوز هذا أم لا في قول مالك ؟ قال : لا بأس بذلك عند مالك . قلت : فما فرق ما بين هذين اللذين اجتمعا في شراء هذه الرقيق في صفقة واحدة ، وبين اللذين اشتركا في شراء الرقيق وبيعها ، على أنهما شريكان في كل ما يشتري كل واحد منهما من الرقيق ويبيع ؟ جوزت الشركة للذين اجتمعا في صفقة واحدة ، ولم تجزها لهذين اللذين اشتركا وفوض بعضهما إلى بعض ؟ قال : لأن البائع هاهنا ، إنما وقعت عهدته عليهما جميعا إذا اشتريا في صفقة واحدة ، ثم رضيا على أن كل واحد منهما حميل ضامن بما على صاحبه بعضهما على بعض .

                                                                                                                                                                                      وأما اللذان فوض بعضهما إلى بعض ، فالبائع إنما باع أحدهما ولم يبع الآخر ، وإنما اشتركا هذان اللذان تفاوضا بالذمم . وليس تجوز الشركة بالذمم وإنما تجوز الشركة بالأموال أو بالأعمال بالأيدي .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية