الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن استأجرت ثوبا ألبسه يوما إلى الليل فضاع مني أيكون علي ضمان في قول مالك ؟ قال : لا ضمان عليك في قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن استأجرت ثوبا ألبسه يومين فلبسته يوما فضاع مني في اليوم الثاني فأصبته بعد ذلك فرددته على صاحبه أيكون علي أجر اليوم الذي ضاع فيه الثوب أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا أجر عليه في اليوم الذي ضاع فيه الثوب منه ، وإنما عليه من الأجر عدد الأيام التي لم يضع الثوب فيها قال : وهذا بمنزلة الدابة يتكاراها الرجل أياما فتضيع في بعض تلك الأيام فإنما عليه من الأجر بقدر الأيام التي لم تضع الدابة فيها . قال : وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن استأجرته امرأة لتلبسه فسرق منها أتضمنه أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ضمان عليها وهذا من الضياع الذي فسرت لك .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك إن قالت : قد غصب مني ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم لا يضمن المستأجر إلا أن يتعدى أو يفرط .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن استأجرت ثوبا ألبسه يوما إلى الليل أيجوز له أن أعطيه غيري [ ص: 428 ] يلبسه في قول مالك ؟ قال : لا ينبغي لك أن تعطيه غيرك ; لأنه إنما رضي بأمانتك واللبس مختلف وأنت لو تلف منك فلا ضمان عليك وإن دفعته إلى غيرك كنت ضامنا إن تلف .

                                                                                                                                                                                      قلت : أتحفظه عن مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا أحفظه من قول مالك ، وقد كره مالك أن يستأجر الرجل الدابة فيؤاجرها من غيره ; لأن الرجل قد يكريه رب الدابة لأمانته وحفظه فليس له أن يكريها من غيره ولكن إن مات المتكاري أكريت الدابة في مثل كرائها وكرهه مالك في حال الحياة فأرى الثياب بهذه المنزلة في الحياة والموت بحال ما وصفت لك من كراء الدابة . قال : وقال مالك : فلو بدا للمتكاري في الإقامة كان له أن يكريها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : وإنما كره مالك أن يكريها لموضع الأمانة ولو أكراها فتلفت لم يضمن إذا كان أكراها فيما اكتراها فيه من مثله وفي حاله وأمانته وخفته وهو قول مالك كله .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية