الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      رسم في رجل صالح رجلا على إنكار ثم أصاب المدعي بينة أو أقر له المنكر بعد الصلح قلت : أرأيت لو أن رجلا ادعى دارا في يد رجل فأنكر الذي الدار في يديه فصالحه المدعي على مال فأخذه من المدعي قبله وهو ينكر ثم أقر بعد ذلك أن دعوى المدعي في الدار حق وأنه جحده .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : سألت مالكا عن الرجل يدعي قبل الرجل الدين فيجحده ثم يصالحه ثم يجد بعد ذلك بينة عليه .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : إن كان صالحه وهو لا يعرف أن له بينة وإنما كانت مصالحته إياه لأنه جحده فله أن يرجع عليه ببقية حقه إذا وجد بينة .

                                                                                                                                                                                      قال : فقلت : فإن كانت بينته غائبة فقال له : إن لي عليك بينة وهم غيب وهم فلان وفلان فجحده فلما رأى ذلك الرجل خاف أن تموت شهوده أو يعدم هذا المدعى عليه أو يطعن فصالحه فلما قدمت شهوده قام عليه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا أرى له شيئا ولو شاء لم يعجل ولم يره مثل الأول فهذا يدلك على مسألتك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن صالح على الإنكار أيجيزه مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : مثل ما يدعي على المدعي قبله مائة دينار فينكرها فيصالحه على شيء يدفعه إليه وهو منكر أيجيزه مالك ويجعله قطعا لدعواه تلك وصلحا من تلك المائة كما لو أقر بما صالحه عليه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو ادعيت دينا لي على رجل فصالحته من ذلك على ثياب موصوفة [ ص: 388 ] إلى أجل وهو منكر للدين أيجوز هذا أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : الصلح بيع من البيوع فلا يجوز هذا الذي سألت عنه في البيوع ، وكذلك في الصلح لا يجوز لأنه دين بدين .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية