الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      الكفالة في السلم قلت : أرأيت إن أسلفت مائة دينار في ثياب موصوفة إلى أجل وأخذت منه كفيلا [ ص: 106 ] فصالحت الكفيل قبل محل الأجل على ثياب أو عرض من العروض أو طعام أو دراهم أو دنانير ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان باع الكفيل إياها بيعا والذي عليه الدين حاضر حتى لا يكون للكفيل على البائع إلا ما عليه فلا بأس به إذا باعها بما يحل وإن كان صالحه بأمر يكون البائع عليه فيه بالخيار إن شاء أجاز صلحه وإن شاء أعطاه ماله عليه فلا خير فيه . قلت : فإن كان صالحه الكفيل لنفسه على ثياب ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : إن صالحه قبل محل الأجل على ثياب مثل الثياب التي عليه في صفتها وعددها فلا بأس به ، وإن كانت أكثر أو أقل أو أجود رقاعا أو أشر فلا خير فيه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت رجلا أسلف رجلا مائة دينار إلى أجل وأخذ منه كفيلا فصالح الكفيل الغريم قبل محل الأجل أو بعد محل الأجل على طعام أو ثياب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان ما صالح عليه الكفيل أمرا يكون فيه الذي عليه الحق مخيرا إن شاء دفع إليه ما صالحه عليه وإن شاء دفع إليه ما كان عليه ، فلا خير فيه وإن كان ما صالحه يكون ذلك يرجع إلى القيمة لأنه لا يوجد مثله من الثياب والرقيق والدواب فأراه جائزا لأنه كأنه قضاه دنانير لأن ذلك يرجع إليه قيمة الذي عليه إن كان الذي عليه دنانير فيدفع إليه الأقل وإن كان الذي عليه عرضا أو حيوانا فلا خير فيه .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم لا يجوز أن يصالح الكفيل على ثياب من صنف التي أسلم فيها أقل منها أو أكثر ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن الثوب بالثوبين مثله إلى أجل ربا .

                                                                                                                                                                                      قال : ألا ترى أنه إن صالح الكفيل على ثوبين من نوع ما أسلف فيه وإنما له على الذي أسلم إليه ثوب واحد فقد باع ثوبا إلى أجل بثوبين من نوعه فلا يجوز وإن كان السلم ثوبين فلا يصلح أن يصالح الكفيل على ثوب لأنه إذا فعل ذلك فقد باع الكفيل ثوبين إلى أجل بثوب من نوعه نقدا وهذا الربا بعينه .

                                                                                                                                                                                      قلت : هذا قد علمته إذا كان السلم ثوبين فأخذ من الكفيل ثوبا قبل محل الأجل أنه ربا لم كرهه إذا كان السلم ثوبا إلى أجل فأخذ من الكفيل ثوبين نقدا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه لا ينبغي للرجل أن يدفع ثوبين إلى رجل نقدا في ثوب من نوعهما إلى أجل لأنه إنما زاده الثوب على أن يضمن له الثوب الآخر إلى محل الأجل فهذا لا يصلح وكذلك الكفيل مثل هذا .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : وإن أخذ من الكفيل ثوبا قبل محل الأجل هو أرفع من الثوب الذي على الغريم إذا كان من صنفه لم يصلح لأنه إنما زاده على أن وضع عنه الضمان .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية