الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المسألة الثالثة : إذا جنى عبد المكاتب فجنايته إما على أجنبي وإما على سيد المكاتب ، وإما سيد سيده ، فإن كانت على أجنبي ، فله القصاص ، فإن عفا على مال ، أو كانت الجناية موجبة للمال تعلق برقبته يباع فيه إلا أن يفديه المكاتب ، وهل يفديه بالأرش أم بالأقل ؟ قولان ، وقيل بالأقل قطعا .

                                                                                                                                                                        فإن قلنا بالأرش ، وكان قدر قيمته أو أقل فله الاستقلال به ، وإلا فلا يستقل وفي جوازه بإذن السيد قولان ، كتبرعه .

                                                                                                                                                                        وفي الوقت الذي تعتبر قيمة العبد فيه أوجه ، الأصح وظاهر نصه في " المختصر " : يوم الجناية لأنه وقت تعلق الأرش ، والثاني : يوم الاندمال ، والثالث : يوم الفداء ، والرابع : أقل القيمتين من يومي الجناية والفداء ، قال ابن كج : هذا هو المذهب ، وهو نصه في " الأم " قال : وعندي أن الحكم في جناية المكاتب بنفسه إذا اعتبرنا قيمته كذلك ، هذا كله في عبد المكاتب الذي لم يتكاتب عليه ، أما من يكاتب عليه كولده من أمته ووالده وولده إذا وهبا له حيث يجوز القبول ، فليس له أن يفديه بغير إذن سيده وبإذنه قولان كتبرعه ؛ لأن فداءه كشرائه .

                                                                                                                                                                        ولو جنى بعض عبيد المكاتب على بعض ، أو جنى عبد غيره على عبده ، فله أن يقتص ؛ لأنه من مصالح الملك ، ولا يحتاج فيه إلى إذن السيد على المشهور ، فلو كان القاتل والد المقتول ، أو كان في عبيد المكاتب أبوه ، فقتل عبدا له لم يقتص ، ولو كان فيهم ابنه ، فقتل [ ص: 305 ] عبدا له فله أن يقتص ، وهل له أن يبيع ابنه وأباه إذا كانا في ملكه وجنيا على عبد آخر له جناية توجب المال ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما : المنع ، وهو نصه في " الأم " أما إذا جنى عبد المكاتب [ على المكاتب ] فله الاقتصاص بغير إذن السيد ، فإن كانت الجناية خطأ ، أو عفا على مال ، لم يجب إذ لا يثبت لسيده على عبده مال وإن جنى على سيد سيده ، فهو كما لو جنى على أجنبي ، فيباع في الأرش إلا أن يفديه المكاتب .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية