الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الأمة المشتركة إذا كاتبها مالكاها معا ، ثم وطئها أحدهما ، فحكم الحد والتعزير ولزوم المهر على الواطئ كما ذكرنا في المالك الواحد .

                                                                                                                                                                        ثم إن لم يحل النجم ، فلها المهر في الحال ، وإن حل ، فإن كان معها مثل المهر دفعته إلى الذي لم يطأ .

                                                                                                                                                                        وفي المهر ونصيب الواطئ من النجم الذي حل الخلاف في التقاص وإن لم يكن معها شيء آخر ، فنصف النجم الذي للواطئ مع المهر على الخلاف في التقاص ، والنصف الآخر يدفع إلى الذي لم يطأ .

                                                                                                                                                                        وإن عتقت قبل أخذ المهر ومصيره قصاصا ، أخذت وإن عجزت بعد أخذه ، فإن بقي فهو للسيدين ، وإن تلف تلف من ملكهما ، وإن عجزت قبل أخذه ، فإن كان في يدها بقدر المهر مال أخذه الذي لم يطأ وبرئت ذمة الواطئ .

                                                                                                                                                                        وإن لم يكن معها شيء فللذي لم يطأ أن يأخذ نصف المهر من الواطئ . وإن أجلها نظر إن ادعى الاستبراء وحلف عليه ، فولدت لستة أشهر فصاعدا من وقت الاستبراء لم يلحقه ، وهو كولد المكاتبة من نكاح أو زنى ، وإن لم يدع الاستبراء وولدت لدون ستة أشهر ، فالولد لاحق به ، ويثبت الاستيلاد في نصيبه من الأمة مع بقاء الكتابة فيه .

                                                                                                                                                                        ثم هو معسر أو موسر ، فإن كان معسرا لم يسر الاستيلاد إلى نصيب الشريك ، [ ص: 293 ] فإن أدت النجوم إليهما عتقت بالكتابة وبطل الاستيلاد . وإن عجزت وفسخا الكتابة فنصفها قن ، ونصفها مستولد . وإن مات الواطئ قبل الأداء والفسخ عتق نصفها ، وبقيت الكتابة في النصف الآخر .

                                                                                                                                                                        وإن مات بعد الفسخ عتق النصف ، والباقي قن . وفي الولد وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما : نصفه حر ، ونصفه رقيق .

                                                                                                                                                                        والثاني : ينعقد كله حرا ؛ لشبهة الملك وإن قلنا بالأول ، وقلنا : ولد المكاتبة قن للسيد لزم الواطئ نصف قيمته للشريك .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا : ثبت فيه حكم الكتابة ، وقلنا : الحق فيه للسيد ، فكذلك الجواب . وإن قلنا : الحق للمكاتبة لزمه جميع قيمته لها ، فإن عتقت قبل أخذها أخذتها ، وإن عجزت قبل الأداء أخذ الشريك الآخر نصفها ، وسقط النصف .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا : ينعقد نصفه حرا ونصفه رقيقا ، فإن قلنا : ولد المكاتب قن للسيد ، فالنصف الرقيق للشريك ، ولا يجب شيء من قيمة الولد على الواطئ .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا : تثبت الكتابة في ولد المكاتبة ، فالنصف الرقيق يتكاتب عليها إن عتقت عتق ، وإلا رق للشريك الآخر .

                                                                                                                                                                        وهل تجب قيمة النصف الحر على الواطئ ؟ يبنى على أن الحق في ولد المكاتبة للسيد أم لها ؟ إن قلنا : له لم تجب وإلا وجبت .

                                                                                                                                                                        ثم إن عتقت عتق ، وسلم لها نصف القيمة ، فيأخذه إن لم تكن أخذته ، وإن عجزت سقط عنه .

                                                                                                                                                                        وإن كان دفعه استرده إن كان باقيا ، أما إذا كان موسرا ، فيسري الاستيلاد إلى نصيب الشريك ، وكان الولد كله حرا ، ومتى يسري ؟ فيه طريقان ، قال الجمهور : قولان ، كما لو أعتق أحد الشريكين [ ص: 294 ] نصيبه من المكاتب ، ففي قول في الحال ، وفي قول عند العجز .

                                                                                                                                                                        وعن ابن أبي هريرة وغيره القطع بأنه يسري عند العجز ، فإن قلنا بالسراية في الحال ، انفسخت الكتابة في نصيب الشريك ، وتبقى في نصيب الواطئ ، ويثبت الاستيلاد في جميع الجارية ، وعلى الواطئ للشريك نصف مهرها ، ونصف قيمتها .

                                                                                                                                                                        وأما نصف قيمة الولد منه ، ففي وجوبها قولان كما لو استولد أحد الشريكين الأمة القنة ، وانعقد الولد حرا ، وعليه أيضا نصف المهر للمكاتبة لبقاء الكتابة في نصيبه ، وهل يجب لها نصف قيمة الولد ؟ .

                                                                                                                                                                        يبنى على أن الملك في ولد المكاتبة لمن هو ؟ ولو أدت نصيب الواطئ من مال الكتابة عتق نصيبه ، وسرى إلى الباقي وإن عجزت ، وفسخ الكتابة بقيت مستولدة محضة .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا بالسراية عن العجز ، فأدت النجوم ، عتقت عن الكتابة ، وولاؤه بينهما ، ويبطل الاستيلاد ، وله المهر على الواطئ ، فتأخذه إن لم تكن أخذته ، وتجب نصف قيمة الولد للشريك إن قلنا : ولد المكاتبة قن للسيد ، أو قلنا : ثبتت فيه صفة الكتابة ، وحق الملك فيه للسيد .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا : حق الملك فيه للمكاتبة وجب جميع القيمة لها . وإن لم تؤد النجوم ، وعجزت ، لزم الواطئ للشريك نصف مهرها ، ونصف قيمتها ، ونصف قيمة الولد .

                                                                                                                                                                        هذا تمام الكلام في وطء أحد الشريكين . فأما إذا وطئاها جميعا ، فإن لم يحصل علوق ، فحكم الحد والتعزير ما سبق .

                                                                                                                                                                        وعلى كل واحد مهر كامل ، فإن عجزت ، ورقت بعد قبض المهرين لم يطالب أحدهما الآخر بشيء . ويقتسمان المهرين [ إن ] كانا باقيين .

                                                                                                                                                                        وإن عجزت قبل أخذه سقط عن كل واحد نصف ما لزمه ، ويجيء في النصف الآخر التقاص ، وقد يكون أحد المهرين أكثر من الآخر ، إما لكونها بكرا عند وطء أحدهما ، ثيبا عند الآخر ، وإما لاختلاف حالها في الصحة والمرض وغيرهما ، فيأخذ مستحق الفضل الفضل .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية