الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الشرط الرابع : أن يوجه الإعتاق إلى ما يملكه ليعتق نصيبه ، [ ص: 119 ] ثم يسري ، وذلك بأن يقول : أعتقت نصيبي من هذا العبد ، أو النصف الذي أملكه ، فلو قال : أعتقت نصيب شريكي ، أو نصيب شريكي من هذا العبد حر ، فهو لغو ، ولو أطلق فقال لعبد يملك نصفه : أعتقت نصفك ، فهل يحمل على النصف الذي يملكه ، أم على النصف شائعا ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        وعلى التقديرين يعتق جميع العبد إذا كان موسرا ، قال الإمام : ولا يكاد يظهر لهذا الخلاف فائدة إلا في تعليق طلاق أو إعتاق . ولو باع نصف عبد يملك نصفه ، فإن قال : بعت النصف الذي أملكه من هذا العبد ، أو نصيبي منه وهما يعلمانه ، صح . وإن أطلق وقال : بعت نصفه ، فهل يحمل على ما يملكه ، أم على النصف شائعا ؟ وجهان ، فعلى الثاني يبطل في نصيب الشريك . وفي صحته في نصف نصيبه قولا تفريق الصفقة . ولو أقر بنصفه المشترك ، ففيه هذان الوجهان . وقال أبو حنيفة : يحمل في البيع على ما يملكه ; لأن الظاهر أنه لا يبيع ما لا يملكه . وفي الإقرار على الإشاعة أنه إخبار ، واستحسن الإمام والغزالي هذا ، وصحح البغوي الإشاعة فيهما .

                                                                                                                                                                        قلت : الراجح قول أبي حنيفة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال كل واحد منهما : إن دخلت دار زيد فأنت حر ، أو فنصيبي منك حر ، فدخلها ، عتق على كل واحد نصيبه ، ولا يقوم ; لأن العتق حصل دفعة ، وكذا لو قال أحدهما : إن كلمت زيدا فنصيبي منك حر ، وقال الآخر : إن شتمته ، فنصيبي منك حر فشتمه . وكذا لو وكلا رجلا في عتقه فأعتق كله دفعة ، ولا أثر لوقوع التعليقين أو التوكيلين في [ ص: 120 ] وقتين ، وإنما العبرة بوقت الوقوع ، ولهذا لو قال لغير المدخول بها : إذا دخلت الدار فأنت طالق طلقة ، ثم قال بعده : إن دخلتها فأنت طالق طلقتين ، فدخلت ، طلقت ثلاثا ، كقوله : أنت طالق ثلاثا .

                                                                                                                                                                        ولو قال أحدهما : أنت حر قبل موتي بشهر ، ونجز الآخر عتقه بعد تعليق الأول بيوم مثلا ، فله أحوال ، أحدهما : أن يموت المعلق لدون شهر من التعليق ، فيعتق العبد كله على المنجز إن كان موسرا ; لأنه لا يمكن والحالة هذه أن يعتق بالتعليق لئلا يتقدم العتق على التعليق ، وكذا الحكم لو مات بعد مضي شهر من أول شروعه في لفظ التعليق بلا زيادة ، وما لم يمض شهر من تمام التعليق ، لا يمكن أن يعتق بالتعليق .

                                                                                                                                                                        الثانية : أن يموت لأكثر من شهر بأيام ، فيعتق جميعه على الثاني أيضا ; لأن العتق بالتعليق إنما يتقدم على الموت بشهر وإعتاق المنجز متقدم على الشهر المتقدم على الموت ، فيؤخذ قيمة نصيب المعلق من المنجز لورثة المعلق . هذا إن قلنا السراية تحصل بنفس الإعتاق ، أو قلنا بالتبيين ، وإن قلنا : تحصل بدفع القيمة ، فإذا سبق وقت العتق بالتعليق ، كان في نفوذ العتق عن المعلق خلاف ، كما سنذكره في تفريع أقوال السراية إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        الثالثة : إذا مات على رأس شهر من تمام صيغة التعليق ، عتق جميع العبد على المعلق .

                                                                                                                                                                        الرابعة : إذا مات على تمام شهرين من تمام كلام المنجز ، عتق على كل واحد نصيبه ، ولا تقويم ، لوقوع العتقين معا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية