الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 381 ]

353 . وطلب الحديث في العشرين عند (الزبيري) أحب حين      354 . وهو الذي عليه (أهل الكوفه)
والعشر في (البصرة) كالمألوفه      355 . وفي الثلاثين (لأهل الشأم)
وينبغي تقييده بالفهم      356 . فكتبه بالضبط ، والسماع
حيث يصح ، وبه نزاع      357 . فالخمس للجمهور ثم الحجه
قصة (محمود) وعقل المجه      358 . وهو ابن خمسة ، وقيل أربعه
وليس فيه سنة متبعه      359 . بل الصواب فهمه الخطابا
مميزا ورده الجوابا

التالي السابق


حكى أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي في كتابه " المحدث الفاصل " ، عن أبي عبد الله الزبيري من الشافعية ، واسمه الزبير بن أحمد ، أنه قال : يستحب كتب الحديث في العشرين; لأنها مجتمع العقل ، قال : وأحب أن يشتغل دونها بحفظ القرآن ، والفرائض .

وقولي : (في العشرين) - بكسر النون - على لغة كقول الشاعر :


. . . . . . . . . . . . . . . . . . وقد جاوزت حد الأربعين



وقال موسى بن إسحاق : كان أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا ، حتى يستكملوا عشرين سنة . وقال موسى بن هارون الحمال : أهل البصرة يكتبون لعشر سنين ، وأهل الكوفة لعشرين ، وأهل الشام لثلاثين [ ص: 382 ] .

وقولي : ( وينبغي تقييده ) ، أي : طلب الحديث وكتابته بالضبط ، وسماعه من حيث يصح . فقوله : ( والسماع ) ، مرفوع عطفا على قوله : ( فكتبه ) . قال ابن الصلاح : "وينبغي بعد أن صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد أن يبكر بإسماع الصغير في أول زمان يصح فيه سماعه . وأما الاشتغال بكتبه الحديث وتحصيله ، وضبطه ، وتقييده ، فمن حيث يتأهل لذلك ويستعد له ، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، وليس ينحصر في سن مخصوص" . وقولي : ( وبه نزاع ) ، أي : وفي الوقت الذي يصح فيه السماع نزاع بين العلماء ، وهي أربعة أقوال : أحدها : ما ذهب إليه الجمهور أن أقله خمس سنين . وحكاه القاضي عياض في " الإلماع " عن أهل الصنعة . وقال ابن الصلاح : هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين ، وحجتهم في ذلك ما رواه البخاري في صحيحه والنسائي وابن ماجه ، من حديث محمود بن الربيع قال : عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي من دلو وأنا ابن خمس سنين . بوب عليه البخاري : متى يصح سماع الصغير ؟ قال ابن عبد البر : حفظ ذلك عنه [ ص: 383 ] وهو ابن أربع سنين ، أو خمس سنين .

وأثبت هاء التأنيث في خمسة أو أربعة لإرادة الأعوام . وأثبت مع حذف المعدود على إحدى اللغتين . وليس في حديث محمود سنة متبعة ، إذ لا يلزم منه أن يميز كل أحد تمييز محمود ، بل قد ينقص عنه وقد يزيد . ولا يلزم منه ألا يعقل مثل ذلك وسنه أقل من ذلك ، ولا يلزم من عقل المجة أن يعقل غير ذلك مما يسمعه . والقول الثاني من الخلاف في صحة سماع الصغير اعتبار تمييزه على الخصوص ، فمتى كان يفهم الخطاب ، ويرد الجواب; كان سماعه صحيحا ، وإن كان ابن أقل من خمس وإن لم يكن كذلك لم يصح ، وإن زاد على الخمس . وهذا هو الصواب ، وسيأتي القولان الآخران في الأبيات التي تلي هذا .




الخدمات العلمية