الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
768 . nindex.php?page=treesubj&link=22233_22234_22231_22169_29134والنسخ رفع الشارع السابق من أحكامه بلاحق وهو قمن 769 . أن يعتنى به وكان nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ذا علمه ثم بنص الشارع 770 . أو صاحب أو عرف التاريخ أو أجمع تركا بان نسخ ورأوا 771 . دلالة الإجماع لا النسخ به كالقتل في رابعة بشربه
nindex.php?page=treesubj&link=22233_22234_22231_22169_29134النسخ يطلق لغة : على الإزالة ، وعلى التحويل . وأما نسخ الأحكام الشرعية ، وهو المحدود هنا ، فهو عبارة عن : "رفع الشارع حكما من أحكامه سابقا ، بحكم من أحكامه لاحق" .
والمراد برفع الحكم : قطع تعلقه بالمكلفين ، وإلا فالحكم قديم لا يرتفع . فقولنا : (رفع) ، احتراز عن بيان مجمل ، فإنه ليس برفع .
وقولنا : (الشارع) ، احتراز عن إخبار بعض من شاهد النسخ من الصحابة ، فإنه لا يكون نسخا ، وإن كان التكليف إنما حصل بإخباره لمن لم يكن بلغه قبل ذلك [ ص: 97 ] .
وقولنا : حكما من أحكامه احتراز عن رفع الإباحة الأصلية ، فإنه لا يسمى نسخا .
وقولنا : سابقا ، احتراز عن التخصيص المتصل بالتكليف ، كالاستثناء ، ونحوه .
وقولنا : بحكم من أحكامه ، احتراز عن رفع الحكم لموت المكلف ، أو زوال التكليف بجنون ، أو نحوه .
وقولنا لاحق ، احتراز عن انتهاء الحكم بانتهاء الوقت ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - إنكم لاقوا العدو غدا ، والفطر أقوى لكم ، فأفطروا فالصوم - مثلا بعد ذلك اليوم ليس لنسخ متأخر ، وإنما المأمور به مؤقت وقد انقضى وقته بعد ذلك اليوم المأمور بإفطار هو قولي : (وهو قمن) - بفتح القاف وكسر الميم - على إحدى اللغتين ، بمعنى : حقيق ، أي : وعلم الناسخ والمنسوخ حقيق أن يعتنى به .
وقولي ذا علمه ، أي صاحب علمه وقد روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، أنه قال ما علمنا المجمل من المفسر ، ولا ناسخ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منسوخه حتى جالسنا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقولي : (ثم بنص الشارع . . . ) إلى آخره . الجار والمجرور هنا متعلق بقولي : (بان نسخ) أي يتبين النسخ ، ويعرف بنص الشارع عليه ، أو بنص صاحب من الصحابة عليه ، أو بمعرفة التاريخ للواقعتين ، أو بأن يجمع على ترك العمل بحديث [ ص: 98 ] فالأول كقوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=684937كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها وكنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فكلوا ما بدا لكم وكنت نهيتكم عن الظروف ، . . . الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة بن الحصيب والثاني كقول nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=hadith&LINKID=666446كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وكقول nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم أمر بالغسل . رواه أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . هكذا أطلق nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح أن مما يعرف النسخ به قول الصحابي ، وهو واضح . وخصص أهل الأصول ثبوت النسخ بقوله فيما إذا أخبر : بأن هذا متأخر . فإن [ ص: 99 ] قال : هذا ناسخ . لم يثبت به النسخ . قالوا : لجواز أن يقوله عن اجتهاده ، بناء على أن قوله ليس بحجة . وما قاله أهل الحديث أوضح وأشهر . والنسخ لا يصار إليه بالاجتهاد والرأي ، وإنما يصار إليه عند معرفة التأريخ . والصحابة أورع من أن يحكم أحد منهم على حكم شرعي بنسخ من غير أن يعرف تأخر الناسخ عنه . وفي كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي موافقة لأهل الحديث ، فقد قال فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في المدخل ولا يستدل على الناسخ والمنسوخ إلا بخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بوقت يدل على أن أحدهما بعد الآخر ، أو بقول من سمع الحديث ، أو العامة .
فقوله : أو بقول من سمع الحديث ، أراد به قول الصحابة مطلقا ، فذكر الوجوه الأربعة التي يعرف بها النسخ ، والله أعلم .
والثالث كحديث nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال nindex.php?page=hadith&LINKID=689258أفطر الحاجم والمحجوم رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه فذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - أنه منسوخ بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم صائم أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فإن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إنما صحبه محرما في حجة الوداع سنة عشر . وفي بعض طرق حديث شداد : أن ذلك كان زمن الفتح ، وذلك في سنة ثمان ، والله أعلم [ ص: 100 ] .
والرابع كحديث nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=663734من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه رواه أصحاب السنن ، أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في آخر الجامع جميع ما في هذا الكتاب معمول به ، وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في nindex.php?page=hadith&LINKID=666858الجمع بين الظهر والعصر بالمدينة ، والمغرب والعشاء من غير خوف ، ولا سفر ، وحديث ، nindex.php?page=hadith&LINKID=688280إذا شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه" . قال النووي في شرح مسلم : "وهذا في حديث شارب الخمر هو كما قاله ، فهو حديث منسوخ دل الإجماع على نسخه . قال : وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به" . قلت : وقوله عن حديث شارب الخمر : أنه كما قاله ، فيه نظر من حيث إن ابن حزم خالف في ذلك [ ص: 101 ] .
اللهم إلا أن يقال : إن خلاف الظاهرية لا يقدح في الإجماع . وقد ذكر أبو الفتح اليعمري في شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، أنه روى ذلك أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، والله أعلم .
ومع الإجماع على خلاف العمل به فقد ورد النسخ لذلك كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13114محمد بن إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال nindex.php?page=hadith&LINKID=675811إن شرب الخمر فاجلدوه ، فإن شرب في الرابعة فاقتلوه قال ثم أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك برجل قد شرب الخمر في الرابعة فضربه ولم يقتله ، قال وكذلك روى nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16812قبيصة بن ذؤيب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، نحو هذا ، قال فرفع القتل ، وكانت رخصة ولم يجعل nindex.php?page=showalam&ids=14667أبو بكر الصيرفي الإجماع دليلا على تعين المصير للنسخ ، بل جعله مترددا بين النسخ والغلط ، فإنه قال في كتابه الدلائل : فإن أجمع على إبطال حكم أحدهما ، فهو منسوخ ، أو غلط ، والآخر ثابت . وما قاله محتمل ، والله أعلم .