الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 647 ] في المقارض يشترط لنفسه أو يشترط على نفسه ضمانا قال : وقال مالك في الذي يعطي المال قراضا لرجل ، على أن يسلفه رب المال سلفا قال : قال مالك : فللعامل أجر مثله وجميع الربح لرب المال قال : وسألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا ، على أن العامل ضامن للمال ؟ قال مالك : يرد إلى قراض مثله ولا ضمان عليه . قال : وكذلك إن أعطي مالا قراضا إلى سنة ، رد فيه أيضا إلى قراض مثله قلت : لم قال مالك : إذا كان في القراض شرط سلف ، إنه يرد إلى إجارة مثله ؟ وقال في القراض : إذا اشترط العامل الضمان ، أن يرد إلى قراض مثله ؟ وقال ذلك أيضا فيه : إذا كان إلى أجل سنة ، إنه يرد إلى قراض مثله ؟ فما فرق بينهما ؟ قال في بعض : يرد إلى قراض مثله ، وفي بعضه إلى إجارة مثله ؟ قال : لأن سلفه زيادة ازدادها أحدهما في القراض ، ولأن الأجل في القراض لم يزدده ، فرد إلى قراض مثله ، والضمان أمر قد ازداده ، ولكنه أمر إنما كان في المال لم تكن منفعته خارجة منه في ربح ولا سلف ، فحمل على سنة القراض ، وفسخ عنهما ما اشترطا في ذلك من غير سنته ، ورد إلى قراض مثلهما ممن لا ضمان عليه ، كما يرد من شرط الضمان ، وهذا وجه ما استحسنت مما سمعت من مالك .

                                                                                                                                                                                      وقد ذكر الليث بن سعد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، أنه كان يقول في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا يتجر فيه سنة ، ثم يتحاسبان فيكون الربح بينهما . قال : لا يحل أن يضرب للمقارض أجلا ، ولا يشترط في ربحه خاصة مضمونة لأحدهما دون صاحبه . قال : ومن وضع القراض على غير الذي وضع القراض عليه ، فلا يصلح فيه شرط ، إلا أن يشترط أن لا يضع ماله في شيء يخشى غرره ، فإن ذلك مما كان يشترط في القراض ، وقد قال ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران قال : سألت القاسم وسالما عن القراض والبضاعة ، يكون ذلك بشرط ؟ فقالا : لا يصلح ذلك من أجل الشرط الذي دخل فيه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية