المسألة الخامسة : إذا كان ، لم يكن للمكاتب أن يفضل أحدهما على الآخر في المدفوع . بينهما عبد بالسوية ، فكاتباه
فلو دفع إلى أحدهما تمام حصته بغير إذن الآخر لم يعتق منه شيء ؛ لأن نصف المأخوذ لشريكه ، ويجيء فيه وجه ضعيف سبق .
وإن دفع إليه تمام النجوم ، فكذلك على الأصح ، وللشريك الآخر أخذ حصته مما قبض بلا خلاف . ولو قبض أحدهما جميع النجوم بإذن الآخر ، عتق العبد قطعا .
وإن ؟ قولان أظهرهما : لا ؛ لأن حقه في ذمة المكاتب . وما في يده ملكه ، فلا أثر للإذن فيه ؛ ولأنه لو جاء بالمال ليعطيهما ، فرضي أحدهما بأن يزن للآخر أولا ، ففعل ، وأقبضه ، لم يعتق حتى يزن للآخر . سلم إلى أحدهما حصته من مال الكتابة بإذن الآخر ورضاه بتقديمه ، فهل يصح القبض
ولو هلك الباقي قبل أن يزن للثاني كان المدفوع بينهما فكذا هنا ، والثاني : نعم ؛ لأن الحق لا يعدوهم ، فإن قلنا : لا يصح القبض لم يعتق نصيب القابض ، وللآذن طلب حصته من المقبوض .
ثم إن أدى المكاتب الباقي عتق عليهما ، وإلا فلهما التعجيز .
وإن قلنا : يصح القبض ، اختص القابض بما قبض ، وعتق نصيبه . ثم إن كان معسرا لم يعتق عليه [ ص: 264 ] نصيب الآخر ، ولكن إن كان في يد المكاتب ما يفي بنصيب الآخر ، وأداه عتق أيضا وإلا فله التعجيز . وإن كان موسرا قوم عليه نصيب الشريك .
وهل يقوم في الحال أم عند التعجيز عن نصيب الآخر ؟ فيه القولان السابقان فيما إذا عتق أحدهما نصيبه ، فإن قلنا : يقوم في الحال ، فجميع ما في يد المكاتب يكون للشريك الآذن ، وما كسبه بعد ذلك يكون بين المكاتب والشريك الآذن ؛ لأنه كسب بنصفيه الحر والمكاتب .
وإن مات قبل الأداء والتعجيز ، فعلى ما سبق هناك . هذه طريقة جماهير الأصحاب . وقال الإمام : إن كان في يده وفاء بنصيب الشريك الآذن ، فالذي رأيته للأصحاب القطع بأنه لا سراية .
وقال : ولا نقول بعتق نصيبه ، بل يؤدي نصيب الآذن ، فإذا أدى عتق عليهما ، وإن عجز عن أداء نصيب الآذن ، فعن الغزالي ابن سريج : لا يشارك القابض فيما قبض ؛ لأنه لما قدمه رضي ببقاء حقه في ذمة المكاتب ، فعلى هذا يعتق نصيب القابض .
وفي السراية ما ذكره الجماهير . وعن غيره أن الآذن يشاركه ؛ لأن ما قبضه كسب عبدهما ، وإنما تبرع الآذن بالتقديم لا بالتمليك ، ولا يخلص له المقبوض . فعلى هذا لهما تعجيزه وإرقاقه .
فرع
قد سبق أنهما إذا صدق المكذب بيمينه ، فإذا حلف بقيت الكتابة في نصيبه ، وهو بالخيار بين أن يشارك المصدق فيما أقر بقبضه ، فيأخذ نصفه ، ويطالب العبد بالباقي ، وبين أن يطالب المكاتب بتمام [ ص: 265 ] نصيبه ؛ لأن كسبه متعلق حقهما بالشركة . وقيل : إذا جوزنا انفراد أحدهما بكتابة نصيبه ، لم يشارك المصدق ، بل يطالب المكاتب بجميع حقه . كاتبا المشترك ، فادعى أنه أوفاهما ، فصدقه أحدهما وكذبه الآخر
وإنكاره قبض الشريك لا يمنعه الرجوع عليه ؛ لأنه أقر بالقبض ، وربما قبض وهو لا يعلم . ثم إذا أخذ المكاتب حصته منهما ، أو من العبد لاعترافه بأنه مظلوم ، ولا يرجع العبد أيضا على المصدق بما العبد وحده عتق باقيه ، ولا يرجع المصدق إن أخذ منهما بشيء على أن يأخذ منه ، ولا تقبل شهادة المصدق على المكذب ؛ لأنه متهم .