الأمر الثالث : إن لم نجوز الرجوع عن التدبير باللفظ ، ليس برجوع ، وإن جوزناه ، فهل هو رجوع ؟ وكذا إنكار الموصي الوصية ، والموكل الوكالة ، هل هو رجوع ؟ ثلاثة أوجه ، أحدها : نعم ; لأن هذه العقود عرضة للفسخ . ولو قال : لست بمدبر ، أو لست بوكيل ، أو ليس هذا موصى به ، وجب القطع بارتفاع هذه العقود ، فكذا إذا قال : لم أدبر ، ولم أوكل ، ولم أوص . فإنكار السيد التدبير
والثاني : لا ; لأنه كذب فلم يؤثر . والثالث وهو الأصح المنصوص : ترتفع الوكالة ; لأن فائدتها العظمى تتعلق بالموكل ، ولا يرتفع التدبير والوصية ; لأنهما عقدان يتعلق بهما غرض شخصين ، فلا يرتفعان [ ص: 198 ] بإنكار أحدهما ، وإنكار البيع الجائز ليس فسخا ، وفيه احتمال . ولو أنكر الزوجية ، فليس بطلاق على الأصح . ولو ادعت على زوجها طلاقا رجعيا ، فأنكر ، لم يكن إنكاره رجعة بالاتفاق . وإذا ادعى على سيده التدبير أو العتق بصفة ، سمعت الدعوى على المذهب . وقيل : يسمع العتق بصفة ، وفي التدبير الخلاف .
وفي شهادة الحسبة على التدبير الخلاف في سماع الدعوى ، ورد الشهادة أولى ; لأن موضع شهادة الحسبة أن يثبت لله تعالى حق مجحود فيثبته الشاهد حسبة ، ثم إذا توجهت الدعوى ، وأنكر السيد ، فله إسقاط اليمين عن نفسه ، بأن يقول : إن كنت دبرته فقد رجعت عنه إذا جوزنا الرجوع باللفظ ، وكذا لو قامت به بينة ، وحكم به الحاكم ، فله الدفع بهذا الطريق على هذا القول . ولو ادعى على الورثة أن مورثهم دبره ، وأنه عتق بموته ، حلفوا على نفي العلم ، ولا يثبت التدبير إلا بشهادة رجلين ; لأنه ليس بمال ، وثبت الرجوع برجل وامرأتين ، وشاهد ويمين ; لأنه مال ، وفيه وجه ضعيف ; لأنه ينفي الحرية .