الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( تنبيه ) علم من كلام المدونة المتقدم وكلام ابن يونس أن للمرتهن أن يستعمل العبد الرهن فيما خف بغير إذن سيده ، ومثله في كتاب الوديعة ، والديات ، والإجارة في العبد المودع والمستأجر من غير إذن سيده والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثالث ) من ارتهن رهنا وشرط أن يجعله على يد عدل ، ثم زعم المرتهن أن الرهن ضاع عند الذي وضعه على يده وليس للمرتهن بينة أنه وضعه إلا قوله ، وقول العدل قال ابن القاسم : إن كان الذي زعم أنه وضعه على يده عدلا فلا ضمان عليه ويرجع بجميع حقه على الراهن قاله في رسم أوصى من سماع عيسى من الرهون وحكى ابن رشد عن أصبغ أنه ضامن قال : إن وضعه على يد غير عدل ضمنه ، وإن قامت البينة على تلفه فإن ادعى أنه لم يعلم أنه غير عدل وإنما دفعه وهو يظن أنه عدل صدق إلا أن يكون معلنا بالفسق مشهورا به ، ومثله من دفع له شيء ليدفعه إلى ثقة قال : ولا ضمان على المودع على يديه كان عدلا ، أو غير عدل انتهى . ونحوه قول ابن سهل في أول كتاب الحدود في غلام ادعى يهودي أنه مملوكه والغلام يزعم أنه حر وإنه يكره على التهود فوضعه القاضي عند أمين حتى يكشف عن أمره ، ويأخذ رأي أهل العلم فيه فقال الأمين : أبق مني الغلام من غير تفريط في الاحتراس ، وقال اليهودي : إنه كان سبب الإباق أن الأمين خرج به مع نفسه إلى ضيعته وطلب إغرام الأمين قيمة الغلام وسأل القاضي وفقه الله هل يجب على الأمين قيمة الغلام .

                                                                                                                            فأجاب عبيد الله بن وليد توقيف القاضي الغلام لاستبراء أمره حزم من النظر وصواب في الفعل والذي يطلبه اليهودي من إغرام الأمين باطل ; لأن [ ص: 28 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ليس على أمين غرم } ، وقال أهل العلم : إلا أن يتعدى ولو ثبت خروج الأمين بالغلام ، ثم ثبت رجوعه به وأبق لم يضمن أيضا ، وقال : عبيد الله بن يحيى وسعد بن معاذ ، وقال مثله : ابن لبابة أيضا ، وقال : لو أبق له من البادية وثبت بالبينة فحينئذ كان يضمن ; لأنه تعدى بإخراجه عن موضع أمانته ، وقال محمد بن غالب : خروج الغلام مع الأمين محترسا عليه لا يوجب ضمانا حتى يثبت بالبينة العادلة أنه خرج به لمنفعة نفسه فيكون متعديا فيضمن ، وإن رجع فلا ضمان عليه أصلا في كل حال ، وقال : يحيى بن عبد العزيز وأيوب بن سليمان مثله انتهى فهذا قولنا : فيما سئلنا : عنه قاله ابن وليد انتهى كلام ابن سهل

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية