الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وكذي رحى وذي بيت وذي دابة ليعملوا إن لم يتساوى الكراء وتساووا في الغلة وترادوا الأكرية )

                                                                                                                            ش : أي ، ومما يشبه ما تقدم في الفساد أن يشترك ثلاثة أحدهم صاحب رحى ، والآخر صاحب بيت ، والآخر صاحب دابة على أن يعملوا وكراء كل واحد من الرحى ، والبيت ، والدابة غير متساو ، وشرطوا أن يتساووا في الغلة ، فإن وقع ذلك فالحكم أن يتساووا في الغلة ; لأن رأس مالهم عمل أيديهم ، وقد تكافئوا فيه ، ويترادون في الأكرية فمن له فضل رجع به على صاحبه وأشار بهذا إلى مسألة المدونة ونصها وإن اشترك ثلاثة أحدهم برحى والآخر بدابة والآخر ببيت على أن يعملوا بأيديهم والكسب بينهم أثلاثا فعملوا على ذلك وجهلوا أن ذلك لا يجوز فإن ما أصابوه يقسم بينهم أثلاثا إن كان كراء البيت ، والرحى والدابة معتدلا وتصح الشركة ; لأن كل واحد أكرى متاعه بمتاع صاحبه ألا ترى أن الرحى والبيت والدابة لو كان ذلك لأحدهم فأكرى ثلثي ذلك من صاحبيه وعملوا جازت الشركة ، وإن كان كراء ما أخرجوه مختلفا قسم المال بينهم أثلاثا ; لأن رءوس أموالهم عمل أيديهم ، وقد تكافئوا فيه ويرجع من له فضل كراء على صاحبه فيترادون ذلك بينهم ، وإن لم يصيبوا شيئا ; لأن ما أخرجوه مما يكرى قد أكري كراء فاسدا ولم يتراجعوا في عمل أيديهم لتساويهم فيه انتهى .

                                                                                                                            فظاهرها أن الشركة لا تجوز ابتداء حتى يكري أحدهما نصيبه بنصيب صاحبه لكنها إن وقعت صحت إذا تساوت الأكرية وعليه حملها أبو محمد وغيره وتأول سحنون المدونة على أنها إنما تمتنع إذا كان كراء هذه الأشياء مختلفا واحتج بقوله وتصح الشركة ; لأن كل واحد أكرى متاعه بمتاع صاحبه ، وقال أبو محمد معنى قوله : تصح أنها تئول إلى الصحة لا أنها تجوز ابتداء وعلى تأويل [ ص: 143 ] سحنون مشى المصنف ; لأن مفهوم الشرط أعني قوله إن لم يتساو الكراء يقتضي أنه إذا تساوى الكراء جازت وقول المصنف : وتساووا في الغلة قابل لأن يكون بيانا لفرض المسألة ، أو تقريرا لحكمها بعد الوقوع كما قال ابن غازي وصفة التراد ذكرها ابن يونس عن ابن أبي زيد ، ونقلها أبو الحسن ونقلها الشارح في الكبير .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية