الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وبما سقط ، أو خرج من نفض زيتون ، أو عصره ) ش أي ، وكذا تفسد الإجارة إذا استأجره على نفض الزيتون بما يسقط منه أي بجزء مما يسقط ، وعلى عصره بما خرج منه من الزيت أي بجزء مما يخرج منه للجهل بقدر ما يسقط ، وما يخرج من العصر ، ولو في شيء منه ، وكيف يخرج ؟ قاله في المدونة قال : ولأنه لا يقدر على الترك إذا شرع ونص كلامه في آخر كتاب الجعل والإجارة : وإن قال له : انفض شجري ، أو حركها فما نفضت ، أو سقط فلك نصفه ; لم يجز لأنه مجهول ، وإن قال : اعصر زيتوني ، أو جلجلاني فما عصرت فلك نصفه لم يجز ; لأنه لا يدري كم يخرج ؟ ولا كيف يخرج ؟ وإذا لا يقدر على الترك إذا شرع ، وليس هكذا الجعل والحصاد يدعه متى شاء إذا قال : فما حصدت من شيء فلك نصفه انتهى .

                                                                                                                            فقد بين وجه عدم جواز عصر الزيتون بجزء [ ص: 401 ] مما يخرج منه ، وأما وجه عدم جواز النفض والتحريك فقال الشيخ أبو الحسن عن القاضي إسماعيل ; لأن الشجر يختلف فمنه ما هو ناجح يقل ما يسقط منه ، ومنه ما هو بخلافه انتهى .

                                                                                                                            فلا يصح ذلك إجارة ، ولا جعلا للجهل المذكور بخلاف مسألة الحصاد الآتية في قول المصنف : فما حصدت فلك نصفه فإنه يقدر على الترك متى شاء ، وما يحصده فله نصفه فهو معلوم ومثل الحصاد اللقط قال في المدونة : وإن قال له : فما حصدت ، أو لقطت فلك نصفه جاز ، وله الترك متى شاء ; لأنه جعل ، وكذلك الجداد إذا قال له : جد من نخلي ما شئت فما جددت فلك نصفه صرح به ابن رشد في أوائل كتاب الجعل ، والفرق بين الحصاد والجداد واللقط وبين النفض والعصر أن الحصاد والجداد واللقط من مقدوره ، ولا مانع له إلا الكسل ، وكلما أراد أن يقطع عرجونا ، أو يحصد موضعا ، أو يلقط شيئا علم أن له نصف ذلك قبل عمله بخلاف النفض والتحريك ، فإنه غير منوط بمقدوره فهو يعمل العمل ، ولا يدري هل يسقط شيء أم لا ؟ وهل يقدر ، أو يترك ، وكذلك العصر فتأمله ( تنبيهات الأول : ) قال أبو الحسن عن ابن القصار : ومعنى التحريك هنا النفض باليد ، وأما بالقضيب فهو كالحصد قال : وهذا بعيد ; لأن النفض باليد غير معتاد انتهى .

                                                                                                                            ، ونقله في التوضيح قال في التوضيح بعد ذكره مسألة النفض ابن يونس : لو قال : انفضه كله ، ولك نصفه جاز انتهى .

                                                                                                                            وكلامه يوهم : أنه تقييد لقول ابن القاسم ، وكلام ابن عرفة يفهم أنه إنما نقله عن ابن حبيب وأن ابن القاسم يخالفه فتأمله والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثاني : ) إذا وقع شيء من هذه الوجوه الفاسدة وأتم العمل على ما قالا فللعامل أجرة مثله ، وجميع الزرع لربه ، فإن قسما على ما قالا فما أخذه العامل حرام ، وما أخذه رب الزرع فلا يحرم عليه ; لأن الزرع جميعه له ، ذكر ذلك الشيخ أبو الحسن الصغير ويأتي ما يشبه ذلك في كراء الأرض بالطعام ( الثالث : ) ما يسقط من التمر بين الكرانيف والسعف يسمى الجلالة لا يجوز الاستئجار عليه بجزء منه ; إذ لا يحاط بقدره لاختفائه بين الكرانيف قاله في رسم قطع الشجرة من سماع ابن القاسم من الإجارة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية