الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وفيها أيضا يصدق ، وإن أعتقه مشتريه إن لم يستدل على كذبه )

                                                                                                                            ش : قال في المدونة : بعد نصها المتقدم في المسألة الأولى قيل لابن القاسم في باب آخر أرأيت من باع صبيا ولد عنده ، فأعتقه المبتاع ، ثم استلحقه البائع أتقبل دعواه ، وينقض البيع فيه ، والعتق قال إن لم يتبين كذب البائع فالقول قوله قال ابن يونس : قال سحنون : هذه المسألة أعدل قوله في هذا الأصل انتهى . فظاهر هذا أنه مخالف لنصها المتقدم أي في أمهات الأولاد في قولها ومن استلحق صبيا في ملك غيره وبعد أن أعتقه غيره إلخ وكلام المصنف يقتضي أنه حمله على الخلاف ، وهو المفهوم من كلام ابن عرفة ، فإنه قال : ولو استلحقه بائعه بعد أن أعتقه مشتريه فقال ابن القاسم : في أول الباب إن كذبه من أعتقه لم يصدق ، وقال بعده إن لم يتبين كذب البائع قبل قوله ، وهو قول غيره ، وهو أشهب ورجحه سحنون وقال هو أعدل قوله انتهى . وفرق أبو الحسن بينهما بأنه في الأولى لم يملك أمه فليس معه قرينة تصدقه بخلاف هذه ا هـ .

                                                                                                                            وهذه التفرقة غير ظاهرة لما سيأتي ، ولو فرق بينهما بأن الأولى لم يدخل العبد في ملكه ، والثانية كان في ملكه كان أبين ، فإن جميع المسائل الآتية التي قال فيها في المدونة : إنه يلحق به كان العبد أو أمه في ملكه ، فتأمله والظاهر حمله على الخلاف ، وهو المفهوم من كلام الرجراجي والقول الثاني هو الظاهر ، وهو الموافق لما سيأتي من كلام المصنف ، وهو المأخوذ من أكثر مسائل المدونة قال فيها : ومن باع صبيا ولد عنده أو لم يولد عنده ، ثم استلحقه بعد طول الزمان لحق به ورد الثمن إلا أن يتبين كذبه ا هـ . فظاهر هذا سواء ملك أمه أو لا ، وهذه المسألة هي التي أشار المصنف إليها بقوله أو باع ونقض ، ثم قال فيها : ومن ابتاع أمة ، فولدت عنده ما بينه وبين أربع سنين ، ولم يدعه فادعاه البائع ، فإنه يلحق به ، ويرد البيع ، وتعود أم ولد له إن لم يتهم فيها ، وإن ادعاه بعد عتق المبتاع للأم والولد ألحقت به نسب الولد ، ولم أزل عن المبتاع ما ثبت له من ولائهما ، ويرد البائع الثمن ، وكذلك إن استلحقه بعد موتهما ، ولو عتقت الأم خاصة لم أقبل قوله فيها وقبلته في الولد ، ولحق به ورد الثمن لإقراره أنه ثمن أم الولد ، ولو كان الولد خاصة هو المعتق لثبت الولاء لمعتقه وألحقت الولد بمستلحقه ، وأخذ الأم إن لم يتهم فيها لدناءتها ، ورد الثمن ، وإن اتهم فيها لم ترد إليه ، وكذلك الجواب إذا باع الأمة وهي حامل فولدت عند المبتاع فيما ذكرنا انتهى .

                                                                                                                            وهذه المسألة هي التي أشار إليها المصنف بقوله وإن باعها ، فولدت فاستلحقه إلخ وهو قول المصنف ، ولحق به الولد مطلقا أي سواء أعتق الأم والولد أو لم يعتقهما أو أعتق أحدهما دون الآخر إلا أن قوله في المدونة في هذه المسألة ألحقنا به نسب الولد ، ولم أزل عن البائع ما ثبت له من ولائهما خلاف قوله في المسألة الأولى إنه ينقض البيع والعتق [ ص: 242 ] فتحصل من هذا أنه إذا استلحق من هو في ملك غيره أو ولائه هل يصدق ، ويلحق به أو لا ؟ قولان ، وعلى القول بتصديقه وهو الظاهر فإن كان المستلحق من ملك غيره لم يدخل في ملكه ، فإنه يبقى في ملك مالكه كما تقدم عن ابن رشد في سماع عيسى ، وإن كان هو البائع له ، فإنه يلحق به ، وينقض البيع إن كان المشتري لم يعتقه ، وإن أعتقه المشتري فهل ينقض البيع والعتق أو لا ؟

                                                                                                                            قولان ، ويظهر من كلام ابن رشد ترجيح القول بنقض البيع والعتق ، فإنه قال في آخر نوازل سحنون وإذا استلحق الولد الذي باع أمه ، وكان ولد عنده ولم يكن له نسب ، وهو حي فلا اختلاف أنه يلحق به ، ويفسخ البيع فيه ، ويرد إليه ولد أو أمه أو أم ولد وإن كان الولد قد أعتق ، وينقض العتق ، وقيل إنه لا ينقض ا هـ .

                                                                                                                            ولابن رشد كلام يأتي عند قول المصنف وإن اشترى مستلحقه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية