الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وهل إلا أن يعلم بالتلف فله وعليه ، أو مطلقا إلا أن يدعي الأخذ له تردد )

                                                                                                                            ش : الأليق باصطلاحه أن يقول [ ص: 126 ] تأويلان ولم أقف عليهما على ما ذكر المصنف فإن قال في المدونة : وإن بقيت كل صرة بيد ربها حتى ابتاع بها أمة على الشركة وتلفت الصرة الأخرى والمالان متفقان فالأمة بينهما والصرة من ربها قال ابن يونس : قوله فالأمة بينهما يريد بعد أن يدفع لشريكه نصف ثمنها ; لأنه إنما اشتراها على الشركة قال بعض أصحابنا إن اشترى الأمة بعد التلف عالما به فشريكه مخير أن يشركه فيها ، أو يدعها إلا أن يقول إنما اشتريتها لنفسي فهي له ، وإن لم يعلم بالتلف حتى اشترى فالأمة بينهما كما لو اشترى ثم تلفت صرة الأخير ، وهذا على أصل ابن القاسم انتهى .

                                                                                                                            قال أبو الحسن : ولابن رشد عكس هذا قال إن اشترى بعد التلف وهو لا يعلم فهو بالخيار بين أن يلزمه ما اشتراه ، أو ينفرد به ; لأنه يقول : لو علمت تلفه لم أشتر إلا لنفسي ، وما اشترى بعد أن علم بتلف ما أخرجه صاحبه فهو له خاصة ا هـ . فالتأويل الأول في كلام المصنف الذي أشار إليه بقوله : وهل إلا أن يعلم بالتلف فله وعليه والذي يناسب ما ذكره أبو الحسن عن ابن رشد والمعنى أن ما ذكره من أن من اشترى بالسالم يكون بينهما محله ما إذا لم يعلم بالتالف ، وأما إذا علم بالتالف فهي له خاصة إلا أن كلام المصنف يقتضي أنه إذا لم يعلم بالتلف فالسلعة بينهما ، ولا خيار لأحدهما وكلام ابن رشد يقتضي أن المشتري مخير فإن قيل : قول المصنف بعد هذا : إلا أن يدعي الأخذ فهم منه أنه بالخيار قلت : ليس كذلك ; لأنه إذا أقر أنه اشترى للشركة ولم يدع الأخذ لنفسه فكلام ابن رشد يقتضي أن له الخيار وكلام المصنف يقتضي أنه لا خيار له ، وأنه بينهما فتأمله والتأويل الثاني في كلام المصنف الذي أشار إليه بقوله ، أو مطلقا هو الذي يناسب ما ذكره ابن يونس إلا أن كلام المصنف يقتضي أنه بينهما ، ولا خيار لأحدهما سواء اشترى بعد العلم بالتلف ، أو قبله ، وما ذكره ابن يونس يقتضي أنه إذا اشترى بعد علمه بالتلف يخير الشريك الذي تلفت صرته في أنه يشاركه ، أو يدعها له فتأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية