الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( أو ) والله ( إن لم أطأك فأنت طالق ) وترك وطأها فمول وهو ضعيف والمذهب أنه ليس بمول ; إذ بره في وقتها ( أو ) والله ( إن وطئتك ) فأنت طالق فمول ويباح له وطؤها ويحنث بمجرد مغيب الحشفة ، وقيل : ولو ببعضها بناء على التحنيث بالبعض فالنزع حرام ، والمخلص له من ذلك ما أشار له بقوله ( ونوى ) وجوبا ( ببقية وطئه ) أو بالنزع ( الرجعة وإن ) كانت الزوجة المحلوف عليها ( غير مدخول بها ) ; لأنه بمجرد مغيب الحشفة صارت مدخولا بها فيقع الطلاق رجعيا لا بائنا فينوي ببقية وطئه الرجعة فلو كانت الأداة تقتضي التكرار نحو كلما وطئتك فأنت طالق فلا يمكن من وطئها [ ص: 430 ] ولها حينئذ القيام بالضرر ( وفي تعجيل الطلاق ) الثلاث ( إن حلف بالثلاث ) أن لا يطأها وقامت بحقها ( وهو الأحسن ) إذ لا فائدة في ضرب الأجل ( أو ضرب الأجل ) لاحتمال رضاها بالبقاء معه بلا وطء ( قولان فيها ) أي المدونة ( و ) على كلا القولين ( لا يمكن منه ) أي من الوطء ( كالظهار ) بأن قال إن وطئتك فأنت علي كظهر أمي فلا يمكن من وطئها حتى يكفر ; لأنه بمغيب الحشفة يصير مظاهرا وما زاد عليها وطء في مظاهر منها ، وهو حرام قبل الكفارة ، وهو بيمينه مول بمجردها فإن تجرأ ووطئ انحلت يمينه ولزمه الظهار

التالي السابق


( قوله : وترك وطأها ) أي فإذا انقضى أجل الإيلاء فلا يتأتى مطالبته بالفيئة ; لأنه لم يحلف على ترك الوطء حتى يطالب به ; لأن معنى يمينه لا أترك وطأك : فإن انتفى وطؤك وتركته فأنت طالق نعم يطلق عليه عند عزمه على الضد أو تبين الضرر .

( قوله : والمذهب أنه ليس بمول ) أي وهو ما رجع إليه ابن القاسم وذلك ; لأنه لم يحصل منه يمين تمنعه من الجماع وحينئذ إذا تضررت من امتناعه طلق عليه للضرر من غير ضرب أجل لا للإيلاء واعلم أن محل الخلاف إذا امتنع من الوطء وإلا فلا إيلاء اتفاقا ; لأن بره في وطئها ( قوله : أو إن وطئتك إلخ ) حاصله أنه إذا قال لها إن وطئتك فأنت طالق واحدة أو اثنتين وامتنع من الوطء خوفا من وقوع الطلاق المعلق فإنه يكون موليا ويضرب له الأجل من يوم الحلف ويمكن من وطئها فإن استمر على الامتناع من وطئها حتى انقضى الأجل طلق عليه بمقتضى الإيلاء وإن وطئها طلقت عليه بمقتضى التعليق بأول الملاقاة وحينئذ فالنزاع حرام ، وكذا استمرار الذكر في الفرج حرام فالمخلص له من الحرمة أن ينوي الرجعة ببقية وطئه ، ولا فرق في ذلك بين المدخول بها وغيرها ( قوله : ويباح له وطؤها ) أي سواء نوى ببقية وطئه الرجعة أم لا كذا في عبق تبعا لاستظهار البدر القرافي وفيه نظر بل يمنع من الوطء إذا لم ينو الرجعة كما يفيده المصنف وغيره ; لأن نزعه حرام والوسيلة للحرام حرام ا هـ بن

[ ص: 430 ] قوله : ولها حينئذ القيام بالضرر ) أي فتطلق عليه من غير ضرب أجل ( قوله : وفي تعجيل إلخ ) حاصله أنه إذاقال لزوجته إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا أو ألبتة فقال ابن القاسم ومالك لا يكون موليا وينجز عليه الثلاث من يوم الرفع ولا يضرب له أجل الإيلاء واستحسنه سحنون وغيره ; لأنه لا فائدة في ضرب الأجل ; لأنه يحنث بمجرد الملاقاة وباقي الوطء حرام فلا يمكن من وطئها وحكى اللخمي وابن رشد أنه لا يعجل عليه الحنث ويضرب له أجل الإيلاء وتستمر من غير طلاق عليه إلى أن يفرغ الأجل فإن رضيت بالإقامة معه من غير وطء فلا يطلق عليه ولا يطؤها وإن لم ترض طلقت عليه واحدة للإيلاء وقد نص في المدونة على القولين فقول المصنف وفي تعجيل الطلاق إلخ أي وهو قول ابن القاسم واستحسنه سحنون وغيره وقوله : وفي تعجيل الطلاق أي بعد الرفع كما في الحاشية لا من يوم الحلف كما في خش وفي الشيخ سالم وفي تعجيل الطلاق وإن لم تقم به وهو قول مالك وابن القاسم واستحسنه سحنون وغيره ا هـ وهو غير صواب ; لأن القول بالتعجيل وإن لم ترفعه إنما هو لمطرف كما عزاه له ابن رشد وغيره وأما مالك وابن القاسم فيقولان بتعجيل الطلاق عليه بعد الرفع انظر بن ( قوله : إن حلف إلخ ) أي بأن قال علي الطلاق ثلاثا أن لا أطأك أو قال إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا أو ألبتة ( قوله : إذ لا فائدة في ضرب الأجل ) لأنه يحنث بمجرد الملاقاة ، وباقي الوطء حرام وحينئذ فلا يمكن منها .

( قوله : أو ضرب الأجل ) أي وبعده يطلق عليه طلقة واحدة إن لم ترض بالإقامة معه بلا وطء ولا تطلب منه فيئة إذ لا يمكن منها وهل يمكن من الرجعة على هذا القول وهو الذي يؤخذ من كلام ابن محرز لاحتمال رضاها بعدم الوطء أو لا يمكن منها لكونه لا يمكن من الوطء ، وإن كان الطلاق رجعيا ، وهو الذي قاله ابن رشد تردد ( قوله : كالظهار ) تشبيه في أنه لا يمكن منها ويدخل عليه أجل الإيلاء ( قوله : فلا يمكن من وطئها حتى يكفر ) الصواب حذف قوله حتى يكفر وذلك ; لأن الظهار لا ينعقد عليه حتى يقربها والكفارة لا تجزئه قبل انعقاد الظهار لقول المصنف الآتي ولم يصح في المعلق كفارته قبل لزومه فالصواب أن هذا لا يقربها أصلا ويكون موليا فإذا انقضى الأجل فلا تطالبه بالفيئة بل إما أن ترضى بالمقام معه بلا وطء أو تطلق عليه ، ولا يمكن من الوطء فإن تجرأ ووطئ سقط الإيلاء ، وانعقد الظهار فلا يقربها بعد ذلك حتى يكفر فإن امتنع من الكفارة وتضررت بترك الوطء طلق عليه بالضرر .

( قوله : ولزمه الظهار ) أي فلا يقربها بعد ذلك حتى يكفر ، وإذا لم يطأ لم تطالبه بالفيئة التي هي الكفارة في المظاهر منها ، وذلك ; لأن الكفارة إنما تجزئ إذا وقعت بعد العود ، وهو العزم على الوطء أو مع الإمساك ، وإنما يكون هذا بعد انعقاد الظهار ، وهو لم ينعقد قبل الوطء فليس لها مطالبته بشيء لا يجزئ ، وإنما لها الطلب بالطلاق ، أو تبقى معه بلا وطء ا هـ عدوي وحاصل فقه المسألة أنه إذا قال لزوجته : إن وطئتك فأنت علي كظهر أمي فإنه يمنع من وطئها أبدا ; لأن وطأه لها يؤدي لوطء المظاهر منها فإذا تضررت زوجته رفعت أمرها للقاضي فيضرب له أجل الإيلاء من يوم الحلف فإذا تم الأجل فلا تطالبه بالفيئة ، وإنما تطالبه بالطلاق أو تبقى معه بلا وطء ، وفائدة ضرب الأجل مع أنه ممنوع منها احتمال أن ترضى بالإقامة معه بلا وطء فإن تجرأ ووطئ انحل عنه الإيلاء ولزمته كفارة الظهار فلا يقربها بعد ذلك حتى يكفر فإن امتنع من الكفارة وتضررت بترك الوطء طلق عليه بالضرر حالا




الخدمات العلمية