الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ثم شرع في الكلام على تعليق الطلاق على أمر مقدر وقوعه في الزمن الماضي أو المستقبل وحكم التعليق الكراهة وقيل الحرمة وبدأ بالماضي فقال ( ونجز ) الطلاق أي حكم الشرع بوقوعه حالا من غير توقف على حكم ( إن علق بماض ممتنع عقلا ) نحو عليه طلاقه أو يلزمه الطلاق لو جاء زيد أمس لجمعت بين وجوده وعدمه ( أو عادة ) كلو جاء أمس لرفعته للسماء ( أو شرعا ) كلو جاء أمس لزنى بامرأته ( أو ) علق على ( جائز ) عادة ولو وجب شرعا ( كلو جئت ) أمس ( قضيتك ) حقك وهو جائز عادة وإن وجب شرعا أو ندب ومثال الجائز شرعا لو جئتني أمس أكلت رغيفا إنما حنث للشك في الفعل وعدمه ولا يقدم على فرج مشكوك ، ثم ما ذكره المصنف في الجائز ضعيف والمذهب عدم الحنث كما نقله ابن يونس عن مالك وابن القاسم لكن محل عدم الحنث إن جزم بالفعل كقضاء الحق حال اليمين وإلا حنث للشك أو الكذب واحترز بقوله ممتنع عما لو علقه بماض واجب بأقسامه الثلاثة فلا حنث

التالي السابق


( قوله وبدأ بالماضي ) أي وبدأ بالكلام على ما إذا علقه على أمر مقدر وقوعه في الماضي ( قوله من غير توقف على حكم ) أي من القاضي إلا في مسائل ثلاثة أو بمحرم كإن لم أزن ومسألة إن تمطر السماء ومسألة ما إذا علقه على محتمل واجب كإن صليت فالتنجيز في هذه الثلاثة يتوقف على حكم الحاكم وما عداها مما ذكره المصنف لا يتوقف على حكمه .

( قوله إن علق بماض ) أي إن ربط بأمر مقدر وقوعه في الزمن الماضي لأجل قوله ممتنع ; لأن الماضي لا يمتنع وقوعه ا هـ عدوي والمراد أنه علقه عليه من حيث انتفاء وجوده وانتفاء وجوده محقق واجب فلذا نجز عليه الطلاق ( قوله لو جاء زيد أمس لجمعت إلخ ) لا شك أن الجمع المذكور ممتنع وقد علق الطلاق عليه من حيث انتفاؤه وبمقتضى لو ; لأنها دالة على انتفاء الجواب لانتفاء الشرط وانتفاء الجمع المذكور واجب فهو في الحقيقة قد علق الطلاق على أمر واجب عقلي محقق فلذا أنجز الطلاق .

والحاصل أن الطلاق بحسب الظاهر مرتبط بالمحال بأوجهه وفي الواقع إنما هو بنقيضه فإذا كان مرتبطا ظاهرا بالمحال عقلا فهو في المعنى معلق على ضده وهو الوجوب العقلي وقس ا هـ عدوي ، وعبارة بن وقوله إن علق بماض يعني على وجه الحنث وهو في الحقيقة تعليق على انتفاء وجود ذلك الممتنع والانتفاء له هو المحقق فلذا نجز عليه الطلاق قاله ابن عاشر ا هـ .

( قوله لزنى بامرأته ) أي أو لقتله أو ضربه إلا أن يقصد المبالغة ويكون قادرا على ما أراد من المبالغة بأن يكون قادرا على ضربه الذي أراده بالقتل مثلا وكونه لا حنث عليه هو قول ابن بشير وابن شاس وقال ابن ناجي ظاهر المدونة الحنث ويظهر من ح ترجيحه ( قوله أو علق على جائز ) أي علق على أمر مقدر وقوعه في الماضي جائز عادة ويلزم من كونه جائزا عادة أن يكون جائزا عقلا ( قوله ولو وجب شرعا ) أي هذا إذا كان جائزا شرعا أيضا بل ولو وجب شرعا أو ندب ( قوله أو ندب ) عطف على قوله ولو وجب شرعا كعليه الطلاق لو جئتني أمس لأعطيتك كذا لشيء لا يجب عليه ( قوله ومثال الجائز شرعا ) أي وعادة أيضا ( قوله بأقسامه الثلاثة ) فالواجب العادي [ ص: 390 ] كقوله زوجته طالق لو لقيني أسد أمس لفررت منه والواجب العقلي كقوله علي الطلاق لو لقيتك أمس ما جمعت بين وجودك وعدمك أو ما طلعت بك السماء ولا نزلت بك الأرض والواجب الشرعي كقوله علي الطلاق لو كنت غير نائم أمس لصليت الظهر




الخدمات العلمية