واعلم أن ومذهب المدونة الذي به الفتوى أن الإكراه إما شرعي أو غيره طوع يقع به الطلاق جزما خلافا الإكراه الشرعي للمغيرة كما لو حلف بالطلاق لا خرجت زوجته فأخرجها قاض لتحلف عند المنبر وكما لو حلف في نصف عبد يملكه لا باعه فأعتق شريكه نصفه فقوم عليه نصيب الحالف وكمل به عتق الشريك أو حلف لا اشتراه فأعتق الحالف نصيبه فقوم عليه نصيب شريكه لتكميل عتقه لزمه الطلاق على المذهب والمصنف رحمه الله اختار مذهب المغيرة ورد بلو مذهب المدونة الراجح بقوله ( ولو بكتقويم جزء العبد ) الذي حلف لا باعه أو لا اشتراه وكان الصواب العكس وأدخلت الكاف كل ما كان الإكراه فيه شرعيا ( أو في فعل ) داخل في حيز المبالغة أي فلا يحنث كحلفه بطلاق لا أدخل دارا فأكره على دخولها أو حمل وأدخلها مكرها خلافا لابن حبيب القائل بالحنث في الإكراه الفعلي وهو مقيد بما إذا كانت صيغة بر كما مثلنا فإن كانت صيغة حنث نحو فإنه يحنث كما قدمه في اليمين حيث قال : ووجبت به إن لم يكره ببر ومقيد بما إذا لم يأمر الحالف غيره أن يكرهه وبما إذا لم يعلم أنه سيكره وبما إذا لم يقل في يمينه لا أدخلها طوعا ولا كرها وأن لا يفعله بعد زوال الإكراه حيث كانت يمينه غير مقيدة بأجل [ ص: 368 ] ( إلا أن يترك ) المكره على التلفظ بالطلاق ( التورية مع معرفتها ) وعدم دهشته بالإكراه والمراد بها إن لم أدخل الدار فهي طالق فأكره على عدم الدخول أو وجعة بالطلق فإن تركها مع معرفتها حنث والمذهب عدم الحنث ولو عرفها وترك . والإكراه الذي لا حنث معه يكون ( بخوف مؤلم ) ويكفي غلبة الظن ولا يشترط تيقنه وبين المؤلم بقوله ( من قتل أو ضرب ) وإن قل ( أو سجن ) ظلما ( أو قيد ) ولو لم يطل ( أو صفع ) بكف في قفا ( لذي مروءة ) بفتح الميم في الأفصح وضمها ( بملإ ) أي جماعة من الناس لا في خلوة ولا غير ذي مروءة أي إن قل فإن كثر فإكراه مطلقا ( أو قتل ولده ) وإن سفل وكذا بعقوبته إن كان بارا . الإتيان بلفظ فيه إيهام على السامع كأن يقول هي طالق ويريد من وثاق
( أو ) بأخذ ( لماله ) أو بإتلافه ( وهل إن كثر ) بالنسبة له وهو الظاهر أو ولو قل ( تردد لا ) بخوف قتل ( أجنبي ) أي غير الولد من أخ أو عم ، وأما قتل الأب فقيل إكراه كالولد وهو الظاهر وقيل لا كالأخ ( أمر ) ندبا في الأجنبي ( بالحلف ) بالطلاق ما رأيته ولا أعلم موضعه ( ليسلم ) الأجنبي من قتل الظالم إن دله عليه وإن حنث وكفر اليمين بالله ( وكذا ) بما ذكر الإكراه على العتق إلخ نحو إن لم تعتق عبدك أو لم تزوجني بنتك أو تقر بأن في ذمتك كذا قتلتك أو ضربتك إلخ ( واليمين ) بالله أو غيره نحو إن لم تحلف بالله أو بالمشي إلى ( العتق والنكاح والإقرار ) أي [ ص: 369 ] مثل الإكراه على الطلاق مكة أو بصوم العام أو بعتق عبدك على أن لا تكلم زيدا أو لا تدخل داري لقتلتك إلخ ( ونحوه ) كالبيع والشراء وسائر العقود لا تلزم بالإكراه بما ذكر ( وأما الكفر ) أي من عطف الخاص على العام لأشديته ( وقذف المسلم ) وكذا سب الصحابة ولو بغير قذف ( فإنما يجوز ) الإقدام عليه ( للقتل ) أي لخوفه على نفسه من معاينته لا بغيره ولو بقطع عضو ولو فعل ارتد وحد للمسلم ( كالمرأة لا تجد ) من القوت ( ما يسد ) أي يحفظ ( رمقها ) بقية حياتها ولو بميتة أو خنزير ( إلا لمن يزني بها ) فيجوز لها الزنا لذلك والظاهر أن مثله سد رمق صبيانها قياسا على قوله أو قتل ولده . الإكراه على الإتيان بما يقتضي الاتصاف به من قول أو فعل ( وسبه عليه الصلاة والسلام )
( وصبره ) أي من ذكر على القتل كصبر المرأة على الموت ( أجمل ) عند الله من الإقدام على الكفر والسب والقذف وإقدامها على الزنا ( لا قتل المسلم ) ولو رقيقا فلا يجوز بخوف القتل ( وقطعه ) أي قطع المسلم ولو أنملة فلا يجوز بخوف القتل بل يرضى بقتل نفسه ولا يقطع أنملة غيره ( و ) لا ( أن يزني ) أي بمكرهة أو ذات زوج أو سيد فلا يجوز بخوف القتل وأما بطائعة لا زوج لها ولا سيد فيجوز مع الإكراه بالقتل لا غيره