الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ووجب ) في الذكاة بأنواعها ( نيتها ) أي قصدها ، وإن لم يلاحظ حلية الأكل احترازا عما لو ضرب حيوانا بآلة فأصابت منحره أو أصابت صيدا أو قصدا مجرد إزهاق روحه من غير قصد تذكية لم يؤكل ( وتسمية ) عند التذكية وعند الإرسال في العقر ( إن ذكر ) ، وقدر فلا تجب على ناس ، ولا أخرس ، ولا مكره فالشرط راجع للتسمية فقط ومحل اشتراطها إن كان المذكي مسلما ، وأما النية أي قصد الفعل لتؤكل لا قتلها أي مجرد إزهاق روحها [ ص: 107 ] فلا بد منهما حتى من الكتابي والمراد بالتسمية ذكر الله من حيث هو لا خصوص باسم الله ، ولكنه الأفضل ، وكذا زيادة والله أكبر .

التالي السابق


( قوله : ووجب نيتها ) أي وجوبا مطلقا غير مقيد بذكر ، ولا غيره ، وقوله بأنواعها أي الأربعة ، وأشار بقوله : وإن لم يلاحظ حلية الأكل إلا أن الواجب نية الفعل لا نية التحليل ( قوله : عند التذكية ) أي في الذبح والنحر ( قوله : فلا تجب على ناس إلخ ) أي وحينئذ فيقيد بذلك قوله تعالى { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } أي لا تأكلوا مما تركت التسمية عليه عمدا مع القدرة عليها ، وأما ما تركت التسمية عليه نسيانا أو عجزا فإنه يؤكل [ ص: 107 ] والجاهل بالحكم كالعامد كما هو ظاهر المدونة ، وقال ابن رشد في البيان ، وليست التسمية بشرط في صحة الذكاة ; لأن معنى قول الله عز وجل { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } أي لا تأكلوا الميتة التي لم تقصد ذكاتها ; لأنها فسق ، ومعنى قوله عز وجل { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه } أي كلوا مما قصدت ذكاته فكنى عز وجل عن التذكية بذكر اسمه كما كنى عن رمي الجمار بذكره حيث قال { واذكروا الله في أيام معدودات } للمصاحبة بينهما وحينئذ فالآية المذكورة لا تدل على وجوب التسمية في الذكاة بل تصدق ، ولو بالسنية ( قوله : فلا بد منها إلخ ) اعلم أن النية المطلوبة في الذكاة قيل هي قصد الفعل أي قصد الذكاة احترازا عن قصد القتل ، وإزهاق الروح ، وعلى هذا فالنية لا بد منها حتى في الكتابي ; لأن النية بهذا المعنى متأتية منه ، وهذا القول هو ما مشى عليه الشارح ونسب عج لحفيد ابن رشد عدم اشتراط النية من الكتابي ، ومذهب الحفيد كما كتب السيد البليدي نقلا عن البدر أن النية المطلوبة نية التحليل ، وهو قول القرطبي وجنح له البدر فهو الذي لا يشترط في الكتابي ، وأما المسلم فمتى قصد الفعل أي الذكاة الشرعية كان ناويا للتحليل حكما إذ لا معنى لكون الذكاة شرعية إلا كونها السبب المبيح لأكل الحيوان ، والنية الحكمية كافية .

والحاصل أن المسلم لا بد فيه من نية التحليل ، ولو حكما فإن شك في التحليل ارتد ، وإن نفاه عمدا عن قصده مع اعتقاده فمتلاعب ، وكلاهما لا تؤكل ذبيحته ، ويدل على أنه لا بد في المسلم من نية التحليل كما مر من أنه إذا شك في إباحة الصيد لم يؤكل لعدم الجزم بالنية ، وأما الكتابي فيكفي منه قصد الفعل المعهود ، وإن لم ينو التحليل في قلبه ; لأنه إذا اعتقد حل الميتة أكلت ذبيحته حيث لم يغب عليها . انتهى . عدوي ( قوله : ولكنه الأفضل ، وكذا زيادة إلخ ) الأولى أن يقول ، ولكنه الأفضل مع زيادة إلخ ونص التوضيح ابن حبيب ، وإن قال باسم الله فقط أو الله أكبر فقط أو لا حول ، ولا قوة إلا بالله أو لا إله إلا الله أو سبحان الله من غير تسمية أجزأه ، ولكن ما مشى عليه الناس أحسن ، وهو باسم الله والله أكبر .




الخدمات العلمية