الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        النوع الثاني : في تجزئة الطلاق . اعلم أن الطلاق لا يتبعض ، بل ذكر بعضه كذكر كله لقوته ، سواء أبهم بأن قال : أنت طالق بعض طلقة ، أو جزءا ، أو سهما من طلقة ، أو بين فقال : نصف طلقة أو ربع طلقة ، قال الإمام : وقوع الطلاق هنا على سبيل التعبير بالبعض عن الكل ، ولا يتخيل هنا [ ص: 86 ] السراية المذكورة في قوله : بعضك طالق ، لكن لا يظهر بينهما فرق محقق . وفي كلام الشيخ أبي حامد وغيره ، أنه يجوز أن يكون ذلك بطريق السراية ، ويجوز أن يلغى قوله : نصف طلقة ، ويعمل قوله : أنت طالق .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا زاد في الأجزاء فقال : أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة ، أو أربعة أثلاث طلقة ، وقع طلقتان على الأصح ، وقيل : طلقة . وقيل : ثلاث طلقات ، حكاه الحناطي . وعلى هذا القياس ، قوله : خمسة أرباع طلقة ، أو نصف وثلثي طلقة .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الخلاف فيما إذا زادت الأجزاء على طلقة ، ولم يجاوز طلقتين ، فإن جاوزت كقوله : خمسة أنصاف طلقة ، أو سبعة أثلاث طلقة وأشباهه ، كان الخلاف في أنه يقع طلقة أم ثلاث . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو قال : لفلان علي ثلاثة أنصاف درهم ، فهل يلزمه درهم أو درهم ونصف ؟ وجهان . أصحهما : الثاني .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال : أنت طالق نصفي طلقة ، لم يقع إلا طلقة ، إلا أن يريد نصفا من طلقة ، ونصفا من أخرى وكذا لو قال : ربعي طلقة ، أو ثلثي طلقة ، وأشار في " الوسيط " إلى الخلاف في هذه الصورة فقال : الصحيح أنه يقع طلقة ، والكتب ساكتة عن الخلاف ، لكنه جار على ما نقله الحناطي .

                                                                                                                                                                        قلت : قد حكى الوجه الذي أشار إليه في " الوسيط " عن " شرح المفتاح " . والله أعلم . [ ص: 87 ] ولو قال : نصف طلقتين ، أو ثلث طلقتين ، وقع طلقة على الأصح ، وقيل : طلقتان ، فعلى هذا لو قال : أردت طلقة ، دين ، وفي قبوله ظاهرا وجهان . ولو قال : علي نصف درهمين ، قال الشيخ أبو علي : لا يلزم إلا درهم بإجماع الأصحاب لعدم التكميل .

                                                                                                                                                                        ولو قال : ثلث درهمين ، فعليه ثلثا درهم بالاتفاق . ولو قال : نصفي طلقتين أو ثلثي طلقتين . وقع طلقتان . ولو قال : ثلاثة أنصاف طلقتين ، فهل يقع طلقتان أم ثلاث ؟ وجهان . أصحهما : الثاني ، وبه قال ابن الحداد ، ونقله الشيخ أبو علي عن الأكثرين .

                                                                                                                                                                        ولو قال : له علي ثلاثة أنصاف درهمين ، ففيما يلزمه الوجهان . ولو قال : ثلاثة أنصاف الطلاق ، قال المتولي : يقع ثلاث طلقات ، وينصرف الألف واللام إلى الجنس ، وحكى الحناطي وجهين ، أحدهما : يقع ثلاث ، والثاني : طلقة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال : أنت طالق نصف طلقة ، أو ثلث وربع وسدس طلقة ، لا يقع إلا طلقة ، ولو كرر لفظة الطلقة فقال : ثلث طلقة ، وربع طلقة ، وسدس طلقة ، طلقت ثلاثا على المذهب ، وبه قطع الجمهور . وقال الغزالي : فيه وجهان . أحدهما : هذا ، والثاني : لا يقع إلا واحدة ، هكذا أطلقه الغزالي ، وإنما نقل الإمام هذا الوجه ، فيما إذا نوى صرف هذه الأجزاء إلى طلقة وفسر كلامه به .

                                                                                                                                                                        ولو لم يدخل الواو ، فقال : أنت طالق ثلث طلقة ، ربع طلقة ، سدس طلقة ، لم يقع إلا طلقة لأنه إذا لم يدخل الواو ، كان الجميع بمنزلة كلمة واحدة ، ولهذا لو قال : أنت طالق طالق ، لم تقع إلا واحدة ، ولو قال : طالق وطالق ، وقع طلقتان .

                                                                                                                                                                        [ ص: 88 ] لو زادت الأجزاء ولم يدخل الواو ، فقال : أنت طالق نصف طلقة ، ثلث طلقة ، ربع طلقة ، ففي " أمالي أبي الفرج " : أنه على الوجهين في قوله : ثلاثة أنصاف طلقة . ولو لم تتغاير الأجزاء وتكررت الواو فقال : أنت طالق نصف طلقة ، ونصف طلقة ، ونصف طلقة ، وقع طلقتان ، ويرجع في اللفظ الثالث إليه ، أقصد التأكيد أم الاستئناف كما لو قال : طالق وطالق وطالق .

                                                                                                                                                                        ولو قال : أنت نصف طلقة ، أو ثلث طلقة ، فهو كقوله : أنت الطلاق .

                                                                                                                                                                        ولو قال : أنت طالق نصف ثلث سدس ، ولم يقل : طلقة ، وقع طلقة بقوله : أنت طالق .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        في فتاوى القفال ، لو قال : طلقتك واحدة أو ثنتين على سبيل الإنشاء ، فيختار ما شاء من واحدة ، أو اثنتين كما لو قال : أعتقت هذا أو هذين .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية