الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الثاني - [ في اعتباره ] :

                                                      وقد أنكره بعضهم من جهة أن الحكمين ، أعني ما يثبته المستدل وما يثبته القالب ، إن لم يتنافيا فلا قلب ، إذ لا منع من اقتضاء العلة الواحدة لحكمين غير متنافيين ، فلا يفسد به . وإن استحال اجتماعهما في صورة واحدة فلم يمكن الرد إلى ذلك الأصل بعينه ، فلا يكون قلبا ، إذ لا بد فيه من الرد إلى ذلك الأصل . [ ص: 364 ] والجمهور على إمكانه . وأجابوا عن هذا بأن الحكمين غير متنافيين لذاتهما ، فلا جرم يصح اجتماعهما في الأصل ، لكن قام الدليل على امتناع اجتماعهما في الفرع ، فإذا أثبت القالب الحكم الآخر في الفرع بالرد إلى الأصل وشهادة اعتباره امتنع ثبوت الحكم الأول فيه . وأحال إمام الحرمين إشعار الوصف الواحد بحكمين متناقضين ، فمنع الشارح الإبياري التناقض بين حكمي العلة وقلبها في الثاني ، واستدل على عدم التناقض باجتماع الحكمين في الأصل . قال ابن المنير : والصواب منع الإمام بالنسبة إلى مواضع المستدل والقالب ، لأنهما تواضعا على أنهما لا يجتمعان في الفرع ولا يرتفعان عنه ، فهي مناقضة بالمواضعة ، لا بالحقيقة . لكن لا أصوب قوله : إن الوصف الواحد لا يشعر بمتناقضين ، فإنه قد يشعر بهما ، بدليل قوله تعالى : { يسألونك عن الخمر والميسر } غاية ما في الباب أن الوفاء بالحكمين لا يتصور ، فتعين أحدهما بالترجيح ، كما قال تعالى : { وإثمهما أكبر من نفعهما } فنبه على رجحان المفسدة .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية