الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 186 ] الثاني عشر : أن لا يتأخر ثبوتها عن ثبوت الأصل ، خلافا لقوم . كما يقال فيما أصابه عرق الكلب : أصابه عرق حيوان نجس فيكون نجسا كلعابه ، فيمنع كون عرق الكلب نجسا ، فيقال : لأنه مستقذر ، فإن استقذاره إنما يحصل بعد الحكم بنجاسته ، فكان كما يعلل سلب الولاية عن الصغيرة بالجنون العارض للولي ، لنا : لو تأخرت العلة - بمعنى ( الباعث ) عن الحكم - لثبت الحكم بغير باعث ، وهو محال . وإن جعلنا العلة بمعنى ( الأمارة ) لزم تعريف المعرف . وحكى الأستاذ أبو منصور عن بعض أصحابنا تجويز كون وصف العلة متأخرا عن حكمها ، فاعتل في إسقاط الزكاة عن الخيل بالاختلاف في جواز أكله ، قياسا على الحمير قال : وهذا اعتلال باطل ، لأن الخلاف في إباحة لحوم الخيل إنما حدث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والزكاة فيما فيه الزكاة إنما وجبت في حياته ، وكذلك سقوطها عما سقطت عنه الزكاة كان في حياته ، فكيف يكون علة سقوطها عن شيء متأخرة عن سقوطها عنه .

                                                      وقال القاضي عبد الوهاب في " الملخص " : اختلفوا في العلة المتأخرة عن الحكم هل يجوز أن يكون ؟ فقال قوم من أهل العراق : يجوز ، وعللوا طهارة جلد الكلب بالدباغ كالكلب قال : ومنهم من منع ذلك ; وهو قولنا وقول أكثر أصحاب يكن له دليل لم يجز ، قال الصفي الهندي : المشهور أنه لا يجوز تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود ، وقيل بجوازه ، وهو الحق إن أريد بالعلة العرف ، لأنه يمتنع تأخير المعرف . فإن أريد بها " الموجب والباعث " فلا . لكن قد تقدم أنه لا يجوز تعليل حكم الأصل بالأمارة ، فحينئذ يلزم أن لا يجوز تعليل حكم الأصل بالعلة المتأخرة عنه [ ص: 187 ]

                                                      في الوجود ، لكان لا لكونها متأخرة بل لكونها لا يجوز أن تكون معرفة ، وأما في غيره فيجوز .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية