الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الثاني : عدم التأثير في الأصل بكونه مستغنى عنه في الأصل ، لوجود معنى آخر مستقل بالغرض . كقولنا في بيع الغائب : مبيع غير مرئي فلا يصح ، كالطير في الهواء . فنقول : لا أثر لكونه غير مرئي ، فإن العجز عن التسليم كاف ، لأن بيع الطير لا يصح إن كان مرئيا . وحاصله معارضة في الأصل ، لأن المعترض يلغي من العلة وصفا ثم يعارض المستدل بما بقي . قال إمام الحرمين : والذي صار إليه المحققون فساد العلة لما ذكرناه ، وقيل : بل يصح ، لأن ذلك القيد له أثر في الجملة وإن كان مستغنى عنه ، كالشاهد الثالث بعد شهادة عدلين . وهو مردود لأن ذلك القيد ليس محله ولا وصفا له فذكره لغو ، بخلاف الشاهد الثالث ، فإنه يتهيأ لأن يصير عند ذلك أحد الشاهدين ركنا . ( قال ) : وأما الوصف الذي لا أثر له [ ص: 359 ] إما أن يذكر لدفع نقض ما لولاه لورد أولا . فإن لم يكن لدفع النقض فهو هدر ، وإلا فالطاردون جوزوا ذكره لدفع النقض . وغيرهم اختلفوا فيه . والمختار أنه إذا كان النقض من مسائل الاستثناء فذكر هذا الوصف في الدليل للتنبيه على محل الاستثناء لا تأثير فيه ، وإلا فلا .

                                                      وجعل البيضاوي في منهاجه " كون عدم التأثير من القوادح مبنيا على منع تعليل الحكم الواحد بالشخص بعلتين . فإن جوزنا وهو المختار ، لم يقدح . وسبقه إلى البناء إمام الحرمين . وقال ابن الحاجب : كل ما فرض جعله وصفا في العلة من طردي إن كان المستدل معترفا به ، فقيل : مردود والمختار أنه يكون غير مردود ، لجواز أن يكون فيه غرض صحيح لدفع النقض الصحيح إلى النقض المكسور ، وهذا صعب بخلاف الأول فإنه معترف بأنه غير مؤثر .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية