الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      المذهب الثالث : في أصل المسألة : إن تمسك به الناظر ، أي المجتهد ، كان حجة في حقه إن حصل غلبة الظن ، وإلا فلا . أما المناظر فيقبل منه مطلقا ، واختاره في المستصفى . وقد نص في القواطع القول بقياس الشبه وبين أنه يفيد غلبة الظن وقال : لا ينكره إلا معاند . ( ثم قال ) : والحاصل أن التأثير لا بد منه ، إلا أن التأثير قد يكون بمعنى ، وقد يكون بحكم ، وقد يكون بغلبة شبه ، فإنه رب شبه أقوى من شبه آخر ، وأولى بتعليق الحكم به ، لقوة أمارته ، والشبه يعارضه شبه آخر ، وربما ظهر فضل قوة أحدهما على الآخر ، وربما يخفى . ويجوز رجوع الشبهين إلى أصل واحد ويجوز إلى أصلين ، فلا بد من قوة نظر المجتهد في هذه المواضع . وكذا قال القاضي أبو حامد المروزي في أصوله : إنا لا نعني بقياس الشبه أن يشبه الشيء بالشيء من وجه أو أكثر من وجه ، لأنه ليس في العالم شيء إلا وهو يشبه شيئا آخر من وجه أو أكثر من وجه ، لكن يعتبر أن لا يوجد شيء أشبه به منه ، فلا يوجد شيء من الوضوء بالتيمم ، وكذا القصاص في الطرف بالقصاص في النفس ، أو على العكس . وهذا لأن إلحاق الشيء بنظائره وإدخاله في سلكه أصل عظيم ، فإذا لم يكن شيء أشبه منه به لم يكن بد من إلحاقه به . قال : وهذا الذي قاله القاضي أبو حامد ، تقريب حسن وهو عائد إلى ما ذكرناه . قال : وينبغي الاعتناء أولا بالمعاني ، فإن تعذرت وأعوزت فحينئذ ينبغي الرجوع إلى قياس الشبه على الطريقة السابقة فلا بأس بذلك . انتهى . وهذا الذي قاله محل [ ص: 305 ] وفاق بين القائلين بقياس الشبه في أنه لا يرجع إليه إلا عند تعذر قياس العلة ، وهو في الحقيقة قول من قال : إنه لا يرجع إليه إلا عند الضرورة .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية