الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ المسلك ] الثاني النص على العلة

                                                      قال الشافعي رضي الله عنه : متى وجدنا في كلام الشارع ما يدل على نصبه أدلة أو أعلاما ابتدرنا إليه ، وهو أولى ما يسلك . ثم المشهور أن إلحاق المسكوت عنه بالعلة المنصوصة قياس ، وقال ابن فورك : ليس قياسا ، وإنما هو استمساك بنص لفظ الشارع ، فإن لفظ التعليل إذا لم يقبل التأويل عن كل ما تجري العلة فيه كان المتعلق به مستدلا بلفظ ناص في العموم ، حكاه في البرهان عند الكلام على مراتب الأقيسة . واعلم أن التعليل معنى من المعاني ، وأصله أن تدل عليه الحروف كبقية المعاني ، لكن تدل الأسماء والأفعال على الحروف ، في إفادة المعاني . فمن حروف التعليل : كي ، واللام ، وإذن ، ومن ، والباء ، والفاء ، ومن أسمائه : أجل ، وجراء ، وعلة ، وسبب ، ومقتضى ، ونحو ذلك ، ومن أفعاله : عللت بكذا ، ونظرت كذا بكذا . ثم قد يدل السياق في الدلالة على العلية ، كما دل على غير العلية . وقد يكون محتملا فيعين السياق أحد المحتملين . وقد خلط المصنفون الشروط بالعلل ، وعمدوا إلى أمثلة يتلقى التعليل فيها من شيء فظنوه يتلقى من شيء [ ص: 238 ] آخر ، وربما التبس عليهم موضوع الحروف لكونها مشتركة فظنوه للتعليل في محل ليس هو فيه للتعليل ، كتمثيلهم التعليل بالفاء بقوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } وليس كذلك فيما سيأتي تحقيقه .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية