الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9154 - المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم (حم خد ت هـ) عن ابن عمر .

التالي السابق


(المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) ومن ثم عدوا من أعظم أنواع الصبر الصبر على مخالطة الناس وتحمل أذاهم، واعلم أن الله لم يسلطهم عليك إلا لذنب صدر منك، فاستغفر الله من ذنبك، واعلم أن ذلك عقوبة منه تعالى، وكن فيما بينهم سميعا لحقهم، أصم عن باطلهم، نطوقا بمحاسنهم، صموتا عن مساوئهم، لكن احذر مخالطة متفقهة الزمان، ذكره الغزالي، وقال الذهبي في الزهد: مخالطة الناس إذا كانت شرعية فهي من العبادة، وغاية ما في العزلة التعبد، فمن خالطهم بحيث اشتغل بهم عن الله وعن السنن الشرعية فذا بطال، فليفر منهم، واستدل به البعض على أن حج التطوع أفضل من صدقة النفل؛ لأن الحج يحتاج لمخالطة الناس، قال حجة الإسلام: وللناس خلاف طويل في العزلة والمخالطة أيهما أفضل، مع أن كلا منهما لا ينفك عن غوائل تنفر عنها، وفوائد تدعو إليها، وميل أكثر العباد والزهاد إلى اختيار العزلة، وميل الشافعي وأحمد إلى مقابله، واستدل كل لمذهبه بما يطول، والإنصاف أن الترجيح يختلف باختلاف الناس، فقد تكون العزلة لشخص أفضل، والمخالطة لآخر أفضل، فالقلب المستعد للإقبال على الله المنتهي لاستغراقه في شهود الحضرة: العزلة له أولى، والعالم بدقائق الحلال والحرام مخالطته للناس ليعلمهم وينصحهم في دينهم أولى وهكذا، ألا ترى إلى تولية النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما من أمرائه، وقوله لأبي ذر : إني أراك رجلا ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تتأمر على اثنين.... الحديث

(حم خد ت) في الزهد بسند جيد كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب، لكن الترمذي لم يسم الصحابي بل قال: عن شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ العراقي: [ ص: 256 ] والطريق واحد، رمز لحسنه وهو كذلك، فقد قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن.



الخدمات العلمية