الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8751 - من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن (طب) عن أبي موسى - (ح)

التالي السابق


(من سرته حسنته) لكونه راجيا ثوابها موقنا بنفعها (وساءته سيئته فهو مؤمن) أي كامل الإيمان؛ لأن من لا يرى للحسنة فائدة ولا للمعصية آفة فذلك يكون من استحكام الغفلة على قلبه فإيمانه ناقص، بل ذلك يدل على استهانته بالدين، فإنه يهون عظيما ويغفل عما لا يغفل الله عنه، والمؤمن يرى ذنبه كالجبل، والكافر يراه كذباب مر على أنفه، فالمؤمن البالغ الإيمان يندم على خطيئته ويأخذه القلق كاللديغ لإيقانه بخبر الآخرة وشرها، بخلاف غير الكامل فإنه لا ينزعج لذلك لتراكم الظلمة في صدره وعلى قلبه، فيحجبه عن ذلك، ولهذا قال ابن مسعود فيما خرجه الحكيم الترمذي بأن المؤمن إذا أذنب فكأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه فتقتله، والمنافق ذنبه كذباب مر على أنفه، فعلامة المؤمن أن توجعه المعصية حتى يسهر ليله فيما حل بقلبه من وجع الذنب، ويقع في العويل كالذي فارق محبوبه من الخلق بموت أو [ ص: 153 ] غيره، فيتفجع لفراقه فيقع في النحيب، فالمؤمن الكامل إذا أذنب يحل به أكثر من المصاب لحجبه عن ربه، ومن أشفق من ذنوبه فكان على غاية الحذر منها لا يرجو لغفرها سوى ربه فهو يقبل على الله، وهو الذي أراده الله من عباده ليتوب عليهم ويجزل ثوابهم. نعم السرور بالحسنة مقيد في أخبار أخر بأن شرطه ألا ينتهي إلى العجب بها، فيسر بما يرى من طاعته، فيطمئن إلى أفعاله، فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضعيفة الأمارة اللوامة فيهلك، ولهذا قال بعض العارفين: ذنب يوصل العباد إلى الله تعالى خير من عبادة تصرفه عنه، وخطيئة تفقره إلى الله خير من طاعة تغنيه عن الله

(تتمة) قال الراغب: من لا يخوفه الهجاء ولا يسره الثناء لا يردعه عن سوء الفعال إلا سوط أو سيف، وقيل: من لم يردعه الذم عن سيئة ولم يستدعه المدح إلى حسنة فهو جماد أو بهيمة، وليس الثناء في نفسه بمحمود ولا مذموم، وإنما يحمد ويذم بحسب المقاصد

(طب عن أبي موسى ) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الهيثمي: فيه موسى بن عتيك وهو هالك في الضعف، نعم رواه الطبراني عن أبي أمامة باللفظ المذكور، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح اهـ، فعدول المصنف عن الطرق الصحيحة واقتصاره على الضعيفة من سوء التصرف، ثم ظاهر صنيعه أيضا أن ذا لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة، وإلا لما عدل عنه وهو ذهول، فقد خرجه النسائي في الكبرى باللفظ المزبور عن عمر ، فساق بإسناده إلى جابر بن سمرة أن عمر خطب الناس فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سرته..... إلى آخر ما هنا، قال الحافظ العراقي في أماليه: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد في المسند بلفظ: من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن، قال -أعني العراقي-: حديث صحيح اهـ.



الخدمات العلمية