الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
767 - ( 37 ) - قوله : ثبت { أنه صلى الله عليه وسلم كبر على الجنازة أكثر من أربع }. مسلم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : { كان زيد يكبر على جنائزنا أربعا ، وأنه كبر خمسا ، فسألته ؟ فقال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبرها } ولأحمد عن حذيفة : { أنه صلى على جنازة فكبر خمسا }وفيه أنه رفعه .

وروى ابن عبد البر من طريق عثمان بن أبي زرعة ، قال : توفي أبو سريحة الغفاري [ ص: 244 ] فصلى عليه زيد بن أرقم ، فكبر عليه أربعا .

وروى البخاري في صحيحه ، عن علي أنه كبر على سهل بن حنيف ، زاد البرقاني في مستخرجه ستا . وكذا ذكره البخاري في تاريخه ، وسعيد بن منصور ، ورواه ابن أبي خيثمة من وجه آخر ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن معقل فقال : خمسا ، وعنه : أنه صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعا . رواه البيهقي وقال : إنه غلط ; لأن أبا قتادة عاش بعد ذلك ، قلت : وهذه علة غير قادحة ; لأنه قد قيل : إن أبا قتادة قد مات في خلافة علي ، وهذا هو الراجح .

وروى سعيد بن منصور من طريق الحكم بن عتيبة أنه قال : كانوا يكبرون على أهل بدر خمسا ، وستا ، وسبعا ، وذكرها ابن أبي حاتم في العلل من حديث محمد بن مسلمة أنه قال : السنة على الجنازة أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ أم القرآن في نفسه ، ثم يدعو ويخلص الدعاء للميت ، ثم يكبر ثلاثا ، ثم يسلم وينصرف ، ويفعل من وراءه ذلك ، قال : سألت أبي عنه ، فقال : هذا خطأ ، إنما هو حبيب بن مسلمة . قلت : حديث حبيب في المستدرك من طريق الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء في التكبيرات الثلاث ، ثم يسلم تسليما خفيا . والسنة أن يفعل من وراءه مثل ما فعل إمامه }. قال الزهري : سمعه ابن المسيب منه فلم ينكره ، قال : وذكرته لمحمد بن سويد فقال : وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة في صلاة صلاها على الميت مثل الذي حدثنا أبو أمامة .

768 - ( 38 ) - قوله : والأربع أولى ، لاستقرار الأمر عليها واتفاق [ ص: 245 ] الصحابة . أما استقرار الآمر : فروى الحاكم من حديث أنس { : كبرت الملائكة على آدم أربعا ، وكبر أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم أربعا ، وكبر عمر على أبي بكر أربعا ، وكبر صهيب على عمر أربعا ، وكبر الحسن بن علي على علي أربعا ، وكبر الحسين على الحسن أربعا } ، قلت : وفيه موضعان منكران : أحدهما : أن أبا بكر كبر على النبي وهو يشعر بأن أبا بكر أم الناس في ذلك ، والمشهور أنهم صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم أفرادا كما سيأتي . والثاني : أن الحسين كبر على الحسن ; والمعروف أن الذي أم في الصلاة عليه سعيد بن العاص كما سيأتي ، قال الحاكم : وله شاهد من حديث ابن عباس ، وأخرجه وفيه الفرات بن سلمان ، ولفظه : آخر { ما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنائز أربعا }. فذكر قال الحاكم : ليس من شرط الكتاب . ورواه البيهقي من طريق عكرمة ، عن ابن عباس ، وقال : تفرد به النضر بن عبد الرحمن وهو ضعيف ، وروي هذا اللفظ من وجوه أخر كلها ضعيفة ، وقال الأثرم : رواه محمد بن معاوية النيسابوري ، عن أبي المليح ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، وقد سألت أحمد عنه فقال : محمد هذا روى أحاديث موضوعة منها هذا ، واستعظمه أبو عبد الله ، وقال : كان أبو المليح أتقى الناس وأصح حديثا من أن يروي مثل هذا ، وقال حرب عن أحمد : هذا الحديث إنما رواه محمد بن زياد الطحان ، وكان يضع الحديث .

وروى ابن الجوزي في الناسخ والمنسوخ له ، من طريق ابن شاهين بسنده إلى ابن عمر ، وفيه زافر بن سليمان رواه عن أبي العلاء ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر كذا قال ، وخالفه غيره ولا يثبت فيه شيء ، ورواه الحارث بن أبي أسامة ، عن جعفر بن حمزة ، عن فرات بن السائب ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر نحوه ، وأما اتفاق الصحابة على ذلك : فقال علي بن الجعد : ثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، سمعت سعيد بن المسيب يقول : إن عمر قال : كل ذلك فقد كان أربعا وخمسا ، [ ص: 246 ] فاجتمعنا على أربع . رواه البيهقي ، ورواه ابن المنذر من وجه آخر عن شعبة .

وروى البيهقي أيضا عن أبي وائل قال : { كانوا يكبرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ، وخمسا ، وستا ، وسبعا } ، فجمع عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبر كل رجل منهم بما رأى ، فجمعهم عمر على أربع تكبيرات . ومن طريق إبراهيم النخعي : اجتمع . أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي مسعود فأجمعوا على أن التكبير على الجنازة أربع .

وروى بسنده إلى الشعبي : صلى ابن عمر على زيد بن عمر وأمه أم كلثوم بنت علي ، فكبر أربعا ، وخلفه ابن عباس ، والحسين بن علي ، وابن الحنفية بن علي ، قال : وممن روينا عنه الأربع ابن مسعود ، وأبو هريرة ، وعقبة بن عامر ، والبراء بن عازب ، وزيد بن ثابت . وغيرهم .

وروى ابن عبد البر في الاستذكار ، من طريق أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، عن أبيه قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على الجنائز أربعا ، وخمسا ، وسبعا ، وثمانيا ، حتى جاء موت النجاشي ، فخرج إلى المصلى وصف الناس وراءه ، وكبر عليه أربعا ، ثم ثبت النبي صلى الله عليه وسلم على أربع ، حتى توفاه الله عز وجل }. وروى ابن أبي شيبة ، والطحاوي ، والدارقطني ، من طريق عبد خير قال : { كان علي يكبر على أهل بدر ستا ، وعلى الصحابة خمسا وعلى سائر المسلمين أربعا }.

حديث جابر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بأم القرآن }. تقدم من رواية الشافعي ، وفيه بقية طرقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية