مسألة
. [ ص: 393 ] قال كل فرق مؤثر بين مسألتين يؤثر ما لم يغلب على الظن أن الجامع أظهر إمام الحرمين في " النهاية " : في نكاح العبد بأكثر مما أذن به السيد : إنه لا يليق بنا أن نكتفي بالخيالات في الفروق ، كدأب أصحاب الرأي . والسر في ذلك أن متعلق الأحكام مجال الظنون علما بها ، فإذا كان اجتماع مسألتين أظهر في الظن من افتراقهما وجب القضاء باجتماعهما ، وإن انقدح فرق على بعد . قال الإمام : فافهموا ذلك فإنه من قواعد الدين .
وإذا عرف ذلك فإذا فرق بين المسألتين بعدما جمع بينهما - فرقا مؤثرا فيه خلاف مبني على أنه : فهل يكفي الفارق في إثبات مخالف كل واحدة الأخرى في الحكم ؟ مثال : إذا قيس الشطرنج على النرد في التحريم ثم فرق بينهما بأن النرد فعله من النقص ، والشطرنج من الفكر مثلا ، فهل يكون الفارق دليلا على مخالفة الشطرنج للنرد في التحريم ليكون الشطرنج حلالا أم لا ؟ إذا عرف ذلك فهل يسمع الجامع بعد الفرق ؟ فيه خلاف مرتب على أنه : هل يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين مستنبطتين ؟ مثاله : لو خير الجامع - بعد أن فرق الفارق في الشطرنج والنرد بما ذكرنا " بأن كلا منهما اشترك في المنع عن الاشتغال بالله وعن عبادته . [ ص: 394 ] ذكر هل يجوز تعليل الحكم بعلتين ؟ الشيخ نجم الدين المقدسي في كتابه الذي أفرده في " الفرق والجمع " : إذا تمت المناسبة بشروطها فهو الفرق الصحيح . وأما الفروق الفاسدة فكثيرة :
الأول : الفرق بالأوصاف الطردية : كما لو قيل : صح بيع الحبشي فيصح بيع التركي ، فلو فرق بينهما بأن هذا أسود وذلك أبيض لكان باطلا ، فإنه لو فتح باب الفرق بذلك لم يتم قياس أصلا ، لأن ما من صورتين إلا وبينهما فرق .
الثاني : الفرق بنوع اصطلحوا على رده : كما لو قيل في الزاني المحصن يجب رجمه بالقياس على ماعز . فلو قيل : إنما وجب الرجم هناك تطهيرا له ، وهذا المعنى معدوم في غيره لكان باطلا .
الثالث : الفرق بكون الأصل مجمعا عليه والفرع مختلفا فيه : كما لو قيل : الحاجة إلى وجوب الزكاة على البالغ أكثر منه على الصبي ، لأنها في البالغ متفق عليه ، وفي الصبي مختلف فيه ، ولو استوت الصورتان في المصلحة لاستوتا في الاجتماع وعدمه . وقريب منه الفرق بكون الأصل منصوصا عليه والفرع مختلفا فيه ، لأنه لو صح الفرق بذلك بطلت الأقيسة كلها .