الثالث : : وهو أن يعتبر عينه في عين الحكم ، فترتب الحكم وفق الوصف فقط ، ولا يعتبر عين الوصف في جنس الحكم ، ولا عينه ولا جنسه في جنسه بنص أو إجماع ، كالإسكار في تحريم الخمر ، فإنه اعتبر عين الإسكار في عين الحكم بترتيب التحريم على الإسكار فقط ، ومنع [ الغريب ] السهروردي في التنقيحات وجود المناسب الغريب ورد أمثلته إلى الملائم ، وإليه أشار الغزالي في شفاء العليل " وقال : قلما يوجد في الشرع اعتبار مصلحة خاصة إلا وللشرع التفات إلى جنسها ، وعلى الأصولي التقسيم ، وعلى الفقيه الأمثلة . وكذا قال غيره : هذا لا يحسن جعله قسما برأسه ، بل إن شهد له أصل بعينه دخل فيما سبق ، وإلا كان مرسلا . ومثله بنظر ابن الحاجب الصديق رضي الله عنهما في التفضيل في العطاء . وعمر
[ ص: 277 ] وقال الإبياري في شرح البرهان : إذا ظهرت المعاني فيبعد أن لا يوجد له نظير ولا مدار ، بل لا يكاد المعنى المناسب ينفك عن نظر بحال . وقد قلت أمثلة الغريب ، ومنها توريث المبتوتة في مرض الموت ، إلحاقا بالقاتل الممنوع من الميراث ، تعليلا بالمعارضة بنقيض القصد ، فإن المناسبة ظاهرة . لكن هذا النوع من المصلحة لم يعهد اعتباره في غير هذا الخاص ، فكان غريبا لذلك . هكذا قاله ، وفيه نظر : ثم اختار تفصيلا ، وقال : إنه الذي يقتضيه مذهب رحمه الله أن الغريب إذا ظهر فيه المعنى المناسب اعتبر ، كالمتعلقة بالبيع والنكاح وفصل الخصومات والقصاص والحدود ، وبين أن لا يظهر - وهي العبادات - قال : فلا تعليل بها ، كالمعاني الغريبة وإن كانت ظاهرة ، لأنا لم نعتمد على نفس المعنى ، بخلاف المعاملات . هذا كله فيما اعتبره الشرع . فإن لم يعتبره نظر : فإن دل الدليل على إلغائه لم يعلل به بالاتفاق ، وإلا فهو المرسل ، ومنهم من قسمه إلى غريب وملائم ، وقبله مالك مطلقا ، وصرح مالك إمام الحرمين بقبوله أيضا مع تشديده الإنكار على في ذلك ، ونقل عن مالك أيضا ، وكذا صرح به الشافعي الغزالي ، لكنه شرط في اعتبار القطع فيه كون المصلحة ضرورية قطعية كلية ، ولم يشترط ذلك لأصل القول به قال : والظن القريب من القطع كالقطع ، وتابعه في المنهاج " . والأكثرون على أنه مردود مطلقا . ونقل البيضاوي الاتفاق على رد المرسل غير الملائم الذي لم يعتبره الشرع . وفصل قوم بين العبادات . وقال ابن الحاجب إمام الحرمين في ترجيح الأقيسة ولا نرى التعلق بكل مصلحة ، ولم ير [ ص: 278 ] ذلك أحد من العلماء قال : ومن ظن ذلك فقد أخطأ . بمالك