الثالث قال بعضهم : ، بل على خروجها عن متعلق الأمر الشرعي إذا لم تظهر له فائدة تزيد على مقتضى النص ، والمحققون على صحتها ، لصحة ورود الشرع بها ، ولمساواتها للعلة المتعدية في استجماع شرائط الصحة والقصور ، [ ص: 205 ] إذ ما من متعدية إلا وهي قاصرة من وجه ، فلم يبق إلا مطابقة النص لها ، وذلك مما يؤيدها لا مما يبطلها ، كمطابقة العلة المتعدية ، وكمطابقة سائر الأدلة المتعاضدة في المسألة الواحدة . ومنشأ الخلاف أن الخلاف في بطلانها لا على المنع من ظن كونها حكمة في مورد النص ؟ وقال بعض الحنفية : الخلاف مبني على اشتراط التأثير في العلة عند موضع التعبد بالتعليل هل هو لإفادة ما لم يفده النص أو بمجرد إناطة الحكم بالوصف ، وعلى الاكتفاء بالإخالة عند أبي حنيفة . ومعنى التأثير : اعتبار الشرع جنس الوصف أو نوعه في جنس الحكم إلى آخر ما سيأتي وقال الشافعي إلكيا : الخلاف راجع إلى أن علة الشرع هل تقبل التخصيص أم لا ؟ وقال الدبوسي : هو راجع إلى أن حكم العلة عندنا : تعدي حكم النص إلى الفرع ، وعند : تعلق الحكم في النص المعلول بتلك العلة لا التعدي . الشافعي
وقال إمام الحرمين : الخلاف راجع إلى كونها هل هي مأمور بها ؟ ومعنى صحتها : موافقتها للأمر ، ومعنى فسادها : عدم تعلق الأمر بها . وقال ابن المنير في شرح البرهان : لا ينبني على الخلاف فائدة فرعية ألبتة ، لأنا إن رددناها فلا إشكال في عدم إفادتها ، وإن قبلناها فلا إشكال في أنها لا يتعدى بها حكمها ، والنص في الأصل مغن عنها فرجع ثباتها إلى الفوائد العلمية لا العملية ، إلا إذا بنينا على التزام اتحاد العلل وصححنا القاصرة ، وجعلناها مقاومة للمتعدية فينبني حينئذ قبولها فائدة عملية لأنها قد تعارض متعدية بتعطل العمل بها . وقال قبل ذلك : لا يتحرر الخلاف في ردها ، لأن العلة إما الباعث أو العلامة ، فإن فسرنا بالباعث وهو الحق فلا مانع من أن ينص بالشرع على الحكم في جميع موارده حتى لا يبقي من محاله مسكوتا عنه ، وينص مع ذلك على الباعث ولا يتخيل عاقل خلاف ذلك ، وإن فسرناها بالعلامة وعليه بنى الرازي كلامه فلا مانع من أن يكون النص علامة والوصف علامة ، فيجتمع على الحكم علامتان كما يجتمع على [ ص: 206 ] الحكم نصان معا وظاهران معا ، أو نص وظاهر ، أو نص وقياس . وهذا القسم أيضا لا يختلف فيه فلا محل للخلاف .