( وإذا ) ، ثم ( أقر المدعى عليه ، أو نكل فحلف المدعي ) أو حلف بلا نكول بأن كانت اليمين في جهته لنحو لوث ، أو إقامة شاهد مع إرادة الحلف معه ادعي عنده بدين حال ، أو مؤجل ، أو بعين مملوكة ، أو وقف ، أو غير ذلك ، أو ) سأل ( الحكم ) له عليه ( بما ثبت ، والإشهاد به لزمه ) إجابته ؛ لما ذكر ، وكذا لو حلف مدعى عليه ، وسأل الإشهاد ليكون حجة له فلا يطالبه مرة أخرى وذلك ؛ لأنه قد ينكر بعد فيفوت الحق لنحو نسيان القاضي [ ص: 140 ] أو انعزاله ولو أقام بينة بدعواه وسأله الإشهاد عليه بقبولها لزمه أيضا ؛ لأنه يتضمن تعديل البينة وإثبات حقه . وخرج بقوله : سأل ما إذا لم يسأله لامتناع الحكم للمدعي قبل أن يسأل فيه كامتناعه قبل دعوى صحيحة إلا فيما تقبل فيه شهادة الحسبة . وصيغة الحكم الصحيح الذي هو الإلزام النفساني المستفاد من جهة الولاية حكمت ، أو قضيت له به أو نفذت الحكم به ، أو ألزمت خصمه الحق . وأخذ ( وسأل ) المدعي ( القاضي أن يشهد على إقراره عنده أو يمينه ابن عبد السلام من كون الحكم الإلزام أنه إذا حكم في نفسه في مختلف فيه لم يتأثر بنقض مخالف له . وظاهره أنه بعد حكم المخالف يقبل ادعاؤه ذلك الحكم ؛ لأنه لا يعرف إلا من جهته وفيه نظر . والذي يتجه أنه إن كان أشهد به قبل حكم المخالف لم يعتد بحكم المخالف وإلا اعتد به ، وإذا عدلت البينة لم يجز الحكم إلا بطلب المدعي كما تقرر فإذا طلبه قال لخصمه : ألك دافع في هذه البينة أو قادح ؟ ، فإن قال : لا ، أو ، نعم ولم يثبته حكم عليه ، وإن وجد فيها ريبة لم يجد لها مستندا خلافا . وقوله : ثبت عندي كذا ، أو صح بالبينة العادلة ليس بحكم ، وإن توقف على الدعوى أيضا ، سواء أكان الثابت الحق أم سببه خلافا لما أختاره لأبي حنيفة السبكي لانتفاء الإلزام فيه وإنما هو بمعنى سمعت البينة وقبلتها ويجري في الصحيح ، والفاسد إلا في مسألة تسجيل الفسق عند عدم الحاجة [ ص: 141 ] إليه ، وإلا كإبطال نظره فالأوجه الجواز ، فإن حكم بالثبوت كان حكما بتعديلها وسماعها فلا يحتاج حاكم آخر إلى النظر فيها كذا قاله الشارح . وقضيته أن الثبوت بلا حكم لا يحصل ذلك ، لكن قضية كلام غيره بل صريحه خلافه . وعبارة شيخنا : الثبوت ليس حكما بالثابت وإنما هو حكم بتعديل البينة وقبولها وجريان ما شهدت به ، وفائدته عدم احتياج حاكم آخر إلى النظر فيها انتهت .
قال : وفيما إذا ثبت الحق كثبت عندي وقف هذا على الفقراء هو ، وإن لم يكن حكما ، لكنه في معناه فلا يصح رجوع الشاهد بعده ، بخلاف ثبوت سببه كوقف فلان لتوقفه على نظر آخر ، ومن ثم يمتنع على الحاكم الحكم به حتى ينظر في شروطه ، وقال أيضا : والتنفيذ بشرطه إلا ما غلب في زمننا حكم وفائدته التأكيد للحكم قبله . ويجوز ، بخلاف تنفيذ الثبوت المجرد فيها ، فإن فيه خلافا ، والأوجه جوازه بناء على أنه حكم بقبول البينة . والحاصل أن تنفيذ الحكم لا يكون حكما من المنفذ إلا إن وجدت فيه شروط الحكم عنده ، وإلا كان إثباتا لحكم الأول فقط . تنفيذ الحكم في البلد قطعا من غير دعوى ، ولا حلف في نحو غائب
وفي الفرق بين الحكم بالموجب ، والحكم بالصحة كلام طويل للسبكي والبلقيني وأبي زرعة ، وقد جمعته كله ، وما فيه من نقد ، ورد وزيادة في كتابي المستوعب في بيع الماء ، والحكم بالموجب بما لم يوجد مثله فاطلبه فإنه مهم . ومنه أن الحكم بالموجب يتناول الآثار الموجودة ، والتابعة لها بخلافه بالصحة فإنه إنما يتناول الموجودة فقط فلو حكم شافعي بموجب الهبة للفرع لم يكن للحنفي الحكم بمنع رجوع الأصل لشمول حكم الشافعي للحكم بجوازه [ ص: 142 ] أو بصحتها لم يمنعه من ذلك ولو حكم حنفي بصحة التدبير لم يمنع الشافعي من الحكم بصحة بيع المدبر ، أو بموجبه منعه ، أو مالكي بصحة البيع لم يمنع الشافعي من الحكم بخيار المجلس مثلا ، أو بموجبه منعه ومنع العاقدين من الفسخ به ؛ لاستلزامه نقض حكم الحاكم مع نفوذه ظاهرا وباطنا كما يأتي . ولو حكم شافعي بموجب إقرار بعدم الاستحقاق منع الحنفي من الحكم بعدم قبول دعوى السهو ؛ لأن موجبه مفرد مضاف لمعرفة فيعم فكأنه قال : حكمت بكل مقتضى من مقتضياته ، ومنها سماع دعوى السهو ، أو بموجب بيع فبان أن البائع وقفه قبل البيع على نفسه فضمن حكمه إلغاء الوقف فيمتنع على الحنفي الحكم بصحته . ولو حكم شافعي بصحة البيع لم يمنع الحنفي من الحكم بشفعة الجوار في المبيع ، أو بموجبه منعه أو مالكي بصحة قرض لم يمنع الشافعي من الحكم بجواز رجوع المقرض في عينه ما دامت باقية بيد المقترض ، أو بموجبه منعه وذلك ؛ لأن الحكم بما ذكر بعد الحكم بالصحة في الكل لا ينافيه بل يترتب عليه ؛ فليس فيه نقض له بخلافه بالموجب ولهذا آثره الأكثرون ، وإن كان الأول أقوى من حيث إنه يستلزم الحكم بملك العاقد مثلا ، ومن ثم امتنع على الحاكم الحكم بها إلا بحجة تفيد الملك ، بخلاف الحكم بالموجب .
وفي فتاوى القاضي لو وهب آخر شقصا مشاعا فباعه المتهب فرفعه الواهب لحنفي فحكم ببطلان الهبة فرفع المشتري البائع لشافعي وطالبه بالثمن فحكم بصحة البيع نفذ وامتنع على الحنفي إلزام البائع بالثمن أي : لأن ما حكم به الشافعي قضية أخرى لم يشملها حكم الحنفي الأول فلم يكن له نقض حكم الشافعي ولو حكم بالصحة ولم يعلم هل استند لحجة بالملك ، أو لا ؟ حملنا حكمه على الاستناد ؛ لأنه الظاهر ، نعم لو قيل بأن محله في قاض موثوق بدينه وعلمه لم يبعد . ويجري ذلك في كل حكم أجمل ولم يعلم استيفاؤه لشروطه فلا يقبل إلا ممن ذكر فيما يظهر أيضا ، ثم رأيت ما قدمته قبل العارية ، وهو صريح في ذلك ( تنبيه )
من المشكل حكاية الرافعي وجهين في أنه ؛ إذ لا خلاف أنه يجب إخراج ما أقر به من تركته عينا كان أو دينا وحمله هل يصح أن يلزم القاضي الميت بموجب إقراره في حياته ؟ السبكي على ما إذا أو يحتاج إلى إنشاء دعوى على الوارث قال : فينبغي أن يكون هذا محل الوجهين وليس من جهة لفظ الموجب . ادعي على رجل فأقر ثم مات قبل الحكم عليه هل يحكم عليه بإقراره الأول