الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) .

                                                                                                                              قال الماوردي والروياني : لو كان بأرض مشتركة بناء أو شجر لهما فأراد أحدهما قسمة الأرض فقط لم يجبر الآخر وكذا عكسه لبقاء العلقة بينهما إما برضاهما فيجوز ذلك ولو اقتسما الشجر وتميزت حصة كل ثم اقتسما الأرض فإن كان فيما خصهما أو أحدهما شجر للآخر فهل نكلفه قلعه مجانا أو يأتي فيه ما مر آخر العارية ؟ للنظر فيه مجال والوجه الثاني بجامع عدم التعدي قال الشيخان : ولو كانوا ثلاثة فاقتسم اثنان على أن تبقى حصة الثالث شائعة مع كل منهما لم تصح ونقل غيرهما الاتفاق عليه وإنما أجبر الممتنع على قسمتها [ ص: 200 ] مع غراس بها دون زرع فيها ؛ لأن له أمدا ينتظر وإذا تنازع الشركاء فيما لا يمكن قسمته فإن تهايئوا منفعته مياومة أو غيرها جاز ولكل الرجوع ولو بعد الاستيفاء فيغرم بدل ما استوفاه قال ابن عجيل : ويد كل يد أمانة كالمستأجر وإن أبوا المهايأة أجبرهم الحاكم على إيجاره أو آجره عليهم سنة وما قاربها وأشهد كما لو غابوا كلهم أو بعضهم فإن تعدد طالبو الإيجار آجره وجوبا لمن يراه أصلح وهل له إيجاره من بعضهم ؟ تردد فيه في التوشيح ورجح غيره أن له ذلك إن رآه أي : بأن لم يوجد من هو مثله كما هو ظاهر وأنه لو طلب كل منهم استئجار حصة غيره فإن كان ثم أجنبي قدم وإلا أقرع بينهم فإن تعذر إيجاره أي : لا لكساد يزول عن قرب عادة كما بحثه بعضهم قال ابن الصلاح : باعه لتعينه واعتمده الأذرعي ويؤخذ من علته أن المهايأة تعذرت لغيبة بعضهم أو امتناعه فإن تعذر البيع وحضره كلهم أجبرهم على المهايأة إن طلبها بعضهم كما بحثه الزركشي [ ص: 201 ] فإن قلت قياس ما مر في العارية أنه يعرض عنهم حتى يصطلحوا ولا يجبرهم على شيء مما ذكر قلت القياس غير بعيد إلا أن يفرق بأن الضرر هنا أكثر ؛ لأن كلا منهما ثم يمكن أن ينتفع بنصيبه بخلافه هنا ثم رأيت بعضهم فرق بأن الضرر ثم إنما هو على الممتنع فقط وهنا الضرر على الكل فلم يمكن فيه الإعراض

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فكان فيما خصهما ) بأن يكون بعض أصل الشجرة في حصة واحد ، وبعضها الآخر في حصة الآخر ( قوله : وإنما أجبر الممتنع على قسمتها مع غراس بها دون زرع فيها إلخ ) قال في الروض وشرحه : وتقسم الأرض مزروعة وحدها ولو إجبارا سواء كان الزرع بذرا بعد أم قصيلا أم حبا مشتدا ؛ لأنه في الأرض بمنزلة القماش في الدار بخلاف البناء والشجر ؛ لأن للزرع أمدا بخلافهما أم مع الزرع قصيلا بتراض من الشركاء ؛ لأن الزرع حينئذ معلوم مشاهد وأفهم قوله : بتراض أنه لا إجبار في ذلك وصرح به الأصل نقلا عن جمع قال : ولم يوجهوه بمقنع لا الزرع وحده ولا معها وهو بذر بعد أو بعد بدو صلاحه فلا يقسم وإن جعلناها إفرازا كما لو جعلناها بيعا ؛ لأنها في الأولى قسمة مجهول وفي الأخريين على الأول قسمة مجهول ومعلوم وعلى الثاني بيع طعام وأرض بطعام وأرض . ا هـ .

                                                                                                                              فانظر قوله ؛ لأنها في الأولى قسمة مجهول فيما إذا كان قصيلا مع قوله فيما تقدم أنه حينئذ معلوم مشاهد ، ويجاب بأن الأولى لا تشمل القصيل ؛ لأن قوله وهو بذر بعد قيد فيها أيضا فليراجع وانظر قوله وفي الأخريين قسمة مجهول ومعلوم بالنسبة للأخير مع بدو صلاح الزرع [ ص: 200 ] فيه إلا أن يصور بما لا يرى حبه كالحنطة بخلاف ما يرى كالشعير ( قوله : دون زرع فيها ) أي : أجبر على قسمة [ ص: 201 ] الأرض المزروعة دون الزرع أي : وحده



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : قال الماوردي ) إلى المتن في النهاية إلا قوله : ولو اقتسما إلى قال الشيخان وقوله قال ابن عجيل وما أنبه عليه . ( قوله : وكذا عكسه ) أي قسمة البناء أو الغرس . ا هـ . رشيدي . ( قوله : ولو اقتسما الشجر ) أي بالتراضي . ا هـ .

                                                                                                                              سيد عمر . ( قوله : فإن كان فيما خصهما ) بأن يكون بعض أصل الشجرة في حصة واحد وبعضها الآخر في حصة الآخر . ا هـ .

                                                                                                                              سم وهذا التصوير غير متعين فإن الشجر في كلام الشارح اسم جنس فيشمل المتعدد أيضا بأن يكون في حصة كل منهما أصل شجرة للآخر بتمامه . ( قوله : فهل نكلفه ) أي صاحب الشجر . ( قوله : لم تصح ) لعله فيما إذا لم يرض الثالث بذلك كما يشعر به كلامه وإلا فما المانع من الصحة ؟ فليراجع . ( قوله : وإنما أجبر إلخ ) الأولى تقديم هذه المسألة على قوله قال الشيخان . ( قوله : وإنما أجبر الممتنع على قسمتها إلخ ) قال في الروض وشرحه أي والمغني وتقسم الأرض مزروعة وحدها ولو إجبارا سواء أكان الزرع بذرا بعد أم قصيلا أم حبا مشتدا ؛ لأنه في الأرض بمنزلة القماش في الدار بخلاف البناء والشجر ؛ لأن للزرع أمدا بخلافهما أو مع الزرع قصيلا بتراض من الشركاء ؛ لأن الزرع حينئذ معلوم مشاهد لا إجبارا لا الزرع وحده ولا معها وهو بذر بعد أو بعد بدو صلاحه فلا يقسم إن جعلناها إفرازا كما لو جعلناها بيعا ؛ لأنها في الأولى قسمة [ ص: 200 ] مجهول وفي الأخريين على الأول قسمة مجهول ومعلوم وعلى الثاني بيع طعام وأرض بطعام وأرض انتهى فانظر قوله ؛ لأنها في الأولى قسمة مجهول فيما إذا كان الزرع قصيلا مع قوله فيما تقدم أنه حينئذ معلوم مشاهد ويجاب بأن الأولى لا تشمل القصيل ؛ لأن قوله وهو بذر بعد إلخ قيد فيها أيضا فليراجع وانظر قوله في الأخريين قسمة مجهول ومعلوم بالنسبة للأخيرة مع بدو صلاح الزرع فيها إلا أن يصور بما لا يرى حبه كالحنطة بخلاف ما يرى كالشعير . ا هـ .

                                                                                                                              سم . ( قوله : مع غراس ) أي أو بناء . ( قوله : دون زرع فيها ) أي أجبر على قسمة الأرض المزروعة دون الزرع أي وحدها . ا هـ .

                                                                                                                              سم ولعل الأصوب أخذا مما مر عنه عن الروض وشرحه آنفا أي : لم يجبر على قسمة الأرض المزروعة مع زرع فيها . ( قوله : وإذا تنازع الشركاء إلخ ) عبارة الروض مع شرحه تقسم المنافع بين الشريكين كما تقسم الأعيان مهايأة مياومة ومشاهرة ومسانهة وعلى أن يسكن أو يزرع هذا مكانا من المشترك وهذا مكانا آخر منه لكن لا إجبار في المنقسم وغيره من الأعيان التي طلبت قسمة منافعها فلا تقسم إلا بالتوافق ؛ لأن المهايأة تعجل حق أحدهما وتؤخر حق الآخر بخلاف قسمة الأعيان قال البلقيني : وهذا في المنافع المملوكة بحق الملك في العين أما المملوكة بإجارة أو وصية فيجبر على قسمتها وإن لم تكن العين قابلة للقسمة إذ لا حق للشركة في العين . قال : ويدل للإجبار في ذلك ما ذكروه في كراء العقب وهو مع ذلك معترف بأن ما قاله مناف لما يأتي فيما إذا استأجرا أرضا إلخ فإن تراضيا بالمهايأة وتنازعا في البداءة بأحدهما أقرع بينهما ولكل منهما الرجوع عن المهايأة فإن رجع أحدهما عنها بعد استيفاء المدة أو بعضها لزم المستوفي للآخر نصف أجرة المثل لما استوفى كما إذا تلفت العين المستوفي أحدهما منفعتها فإن تنازعا في المهايأة وأصرا على ذلك آجرها القاضي عليهما ولا يبيعها عليهما ؛ لأنهما كاملان ولا حق لغيرهما فيه وكذا الحكم لو استأجرا أرضا مثلا في المهايأة والنزاع وإجارة القاضي عليهما ولا يجوز المهايأة في شجر الثمر ليكون لهذا عاما ولهذا عاما ؛ لأن ذلك ربوي مجهول وطريق من أراد ذلك أن يبيح كل منهما لصاحبه مدة واغتفر الجهل لضرورة الشركة مع تسامح الناس في ذلك . ا هـ .

                                                                                                                              وكذا في المغني إلا قوله : قال ويدل إلى فإن تراضيا إلخ وقوله وكذا الحكم إلى ولا يجوز إلخ فأقر ما قاله البلقيني ويأتي في الشارح والنهاية في شرح أو نوعين ما يوافق الروض مع الفرق بين ما هنا وكراء العقب . ( قوله : ولو بعد الاستيفاء ) قد يشمل ما ذكر المبعض إذا هايأ سيده وهو ظاهر . ا هـ .

                                                                                                                              ع ش . ( قوله : فيغرم بدل ما استوفاه ) كان الأولى هنا الإظهار أي : فيغرم المستوفي بدل ما استوفاه . ا هـ .

                                                                                                                              رشيدي ( قوله : سنة وما قاربها ) عبارة الأسنى وينبغي له أي القاضي أن يقتصر على أقل مدة تؤجر تلك العين فيها عادة إذ قد يتفقان عن قرب قاله الأذرعي . ا هـ .

                                                                                                                              . ( قوله : كما لو غابوا كلهم أو بعضهم ) يتأمل . ا هـ . رشيدي . ( قوله : أي بأن لم يوجد من هو مثله إلخ ) ظاهره أنه إذا وجد المثل الأجنبي يقدم على الشركاء ويوافقه قوله : الآتي فإن كان ثم أجنبي قدم ولو قيل هنا إن الأجنبي إنما يقدم حيث كان أصلح لم يبعد ويفرق بين هذه وما يأتي بأن كلا فيما يأتي طالب فقدم الأجنبي قطعا للنزاع بخلاف ما هنا فإن الطالب للاستئجار أحدهما والآخر لم يرد الاستئجار لنفسه فلم يكن في إيجار أحد الشريكين تفويت شيء طلبه الآخر لنفسه . ا هـ .

                                                                                                                              ع ش . ( قوله : وأنه لو طالب إلخ ) عطف على أن له ذلك إلخ ( قوله : لو طلب كل منهم استئجار حصة غيره ) أي بأن قال كل منهم أنا أستأجر ما عدا حصتي . ا هـ . رشيدي . ( قوله : فإن كان ثم أجنبي إلخ ) أي مثلهم أخذا مما قدمه آنفا ثم رأيت قال الرشيدي : انظر هل يشترط هنا أن يكون مثلهم . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإن تعذر إيجاره ) هو قسيم قوله أجبرهم الحاكم . ا هـ . رشيدي . ( قوله : ويؤخذ من علته إلخ ) محل تأمل ؛ لأن أصل الكلام مفروض في امتناعهم من المهايأة . ا هـ .

                                                                                                                              سيد عمر . ( قوله : فإن تعذر البيع إلخ ) منه ما لو كان المتنازع فيه موقوفا عليهم . هـ .

                                                                                                                              ع ش . ( قوله : أجبرهم على المهايأة إن طلبها بعضهم إلخ ) قضيته وإن امتنع البعض الآخر وقضية قوله قبل أو امتناعه تعين البيع في هذه الصورة ؛ لأن امتناع البعض صادق بامتناعه وطلب الآخر . ا هـ .

                                                                                                                              ع ش . ( قوله : إن طلبها بعضهم إلخ ) مفهومه أنه إن لم يطلبها واحد [ ص: 201 ] منهم أعرض عنهم حتى يصطلحوا . ( قوله : فإن قلت ) إلى المتن عبارة النهاية وإنما لم يعرض عنهم إلى الصلح ولا يجبرهم على شيء مما ذكر على قياس ما مر في العارية لإمكان الفرق بكثرة الضرر هنا ؛ لأن كلا منهما ثم يمكن انتفاعه بنصيبه بخلافه هنا وبأن الضرر ثم إلخ




                                                                                                                              الخدمات العلمية