الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( لا كخشب )

                                                                                                                            ش : قال في المدونة : لا يجوز كراؤها بشيء مما تنبت ، ولو كان من غير الطعام من قطن ، أو كتان ، أو أصطبة ، وهي المشاق ، أو قصب ، أو قرط ، أو تبن ، أو علف ، ولا بزعفران ، ولا بطيب يشبهه ، ولا بعصفر ، ولا بطعام ، ولو لم تنبته فلا يجوز بلبن محلوب ، أو في ضروعه ، أو بجبن أو عسل ، أو بسمن ، أو تمر ، أو صير ، وهي نوع من الحيتان تملح أو بشيء من الأنبذة والأشربة أو بفلفل ، أو بزيت الكتان أو الجلجلان ، أو بسمك ، أو بطير الماء الذي هو للسكين ، أو بشاة اللحم أبو الحسن يعني العلوف أو الشارف ، وقوله : الأشربة يعني التي تشرب لا التي يتداوى بها إلا أن تكون طعاما ، ثم قال في المدونة ولا بأس بكرائها بالعود والصندل والحطب والجذوع وبالعين انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة : ولا بأس بكرائها بالماء ( قلت : ) ، ولا يتخرج منعها به على أنه طعام ; لأنه قول ابن نافع ، وهو يجيزه بالطعام غير الحنطة وجنسها قال : وجعل ابن الحاجب وابن شاس القصب كالجذوع ، وقبله ابن هارون لا أعرفه بل قولها : لا يجوز كراؤها بالقصب انتهى .

                                                                                                                            وقال في التوضيح هو بفتح الصاد المهملة ونقل الجواز عن صاحب التلقين ، وإذا كان كذلك فيرد إنكار ابن عرفة ، وأما ما ذكره عن المدونة فإنما هو القضب بالضاد المعجمة كذا رأيته في نسخة مصححة ، وبدليل ذكره له مع القرط والتبن والعلف ، ولعله ظن كلام ابن الحاج أنه كذلك ( تنبيهات الأول : ) قال ابن ناجي ابن عرفة قول اللخمي يجوز كراؤها بالمصطكى نص في أنها غير طعام ( الثاني : ) شدد سحنون فقال : من أكراها بما يخرج منها فذلك جرحة ، وتأوله أبو محمد على من كان عالما أنه لا يجوز ، وهو مذهبه ، أو قلد من مذهبه المنع سحنون ولا يأكل طعامه ، ولا يشتري منه ذلك الطعام الذي أخذه في كرائها وتأوله ابن رشد على أنه من الورع ( الثالث : ) إذا وقع ذلك فإنما له كراؤها بالدراهم ، وذكر الشيخ أبو محمد أن عيسى بن مسكين وغيره من قضاة أصحابنا بإفريقية حكموا بأن يعطى له قيمة الجزء الذي يقع له من ثلث ، أو ربع دراهم ; لأنه لا يعرف لها بالمغرب قيمة كراء بالعين ، ولم يعتبروا قيمة كرائها يوم العقد ; لأنه لا كراء على المكتري في الأرض إذا لم يصب فيها شيئا ابن عرفة عن المتيطي قال بعض الموثقين : أرض الأندلس عندي بخلاف ذلك الكراء فيها معروف فيجب أن يقضى فيها بكراء المثل ( قلت : ) وكذا الأمر عندنا في أرض تونس ، وفي قولهم : ينظر إلى ما يقع له من ذلك الجزء ربع ، أو ثلث دراهم نظر ; لأن ظاهر البناء على ما دخلا عليه من الجزء ، وهو عقد فاسد فيجب لغو ما دخلا عليه وينظر إلى قيمتها بالجزء أن لو جاز فيها ، ثم ينظر إلى قيمة ذلك الجزء انتهى .

                                                                                                                            وما قاله ظاهر لا شك فيه ، ولا يعدل عنه والله أعلم .

                                                                                                                            ( الرابع : ) قال في آخر الجامع من الجواهر لما تكلم على الزرع كره مالك شراء طعام من مكتري الأرض بالحنطة هذا ، ومذهبه أن الطعام كله له ، وإنما عليه كراء الأرض عينا انتهى .

                                                                                                                            وهذا ، والله أعلم .

                                                                                                                            إذا لم يتب ويصلح ما وقع له على الوجه الشرعي ، وأما لو فعل ذلك فلا يظهر للتوقف حينئذ وجه ، وقد ذكر الشيخ أبو الحسن الصغير في أواخر الشفعة أنه يقوم من مسألة الأخذ بالشفعة ممن اشترى بدراهم مغصوبة جواز شراء ما يحصل بالمعاملة الفاسدة قبل أن يصلحا شأنهما قال : فعلى هذا يجوز شراء مكتري الأرض بالطعام قبل أن يصلح شأنه مع ربها فالكلام الأول : على التنزه ، وما هو الأولى والله أعلم .

                                                                                                                            ( الخامس : ) قال فيها : ومن [ ص: 403 ] أكرى أرضه بدنانير مؤجلة فحلت فلا يأخذ بها طعاما ، ولا إداما وليأخذ ما يجوز أن يبتدئا به كراءها والله أعلم .

                                                                                                                            ( السادس : ) يجوز كراء الأرض بشجر بأصولها يأخذها من المكتري إن لم يكن فيها ثمر ، فإن كان فيها ثمر لم يجز قاله في المدونة ( السابع : ) قال فيها ويجوز بيع رقبة الأرض بشجر فيها ثمر كما تباع بطعام عاجل وآجل انتهى .

                                                                                                                            وقال في النوادر بعد أن ذكر منع كراء الأرض بما يؤكل ، أو يشرب من الأشربة وبما يخرج من الأرض ما نصه : ولا بأس بشرائها بذلك كله ما لم يكن فيه يومئذ طعام انتهى .

                                                                                                                            كذا في النسخة ، وصوابه : ما لم يكن فيه يومئذ طعام ، ثم قال في النوادر : ولا بأس أن تكتري بئرا إلى جانب أرضك لتسقيها بمائها بما شئت من الطعام انتهى .

                                                                                                                            ، وقد تقدم أن الماء غير ربوي ، وأنه يجوز بيعه بطعام إلى أجل كما صرح به في السلم الثالث من المدونة ( الثامن : ) قال اللخمي يجوز كراؤها بثياب القطن والكتان ; لأن الصنعة غيرتها ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية