ص ( وهل تكفي بينة على الحوز قبله وبه عمل ، أو التحويز ، وفيها دليلهما )
ش : أشار بذلك لظاهر كلام المدونة في كتاب الهبة ونصه : ولا يقضي بالحيازة إلا بمعاينة البينة لحوزه في حبس أو رهن ، أو هبة ، أو صدقة ، ولو لم يقض بذلك إن أنكر ورثته حتى تعاين البينة الحوز ا هـ . ووجه كون كلامها المذكور دالا على القولين ما ذكره أقر المعطي في صحته أن المعطى قد حاز وقبض وشهدت عليه بإقراره بينة ، ثم مات المصنف في التوضيح يعني إذا لم يصدق في ذلك ولو وافقه المرتهن خشية أن يتقاررا لإسقاط حق الغرماء . وجد بيد من له دين على شخص سلعة للمدين بعد موته ، أو فلسه ، وادعى أنها رهن عنده عبد الملك في الموازية والمجموعة : ولا ينفعه ذلك حتى يعلم أنه حازه قبل الموت والفلس . محمد صواب لا ينفعه إلا معاينة الحوز وهو الذي ذكره اللخمي أنه لا بد من معاينة البينة لقبض المرتهن .
وذكر ابن يونس في [ ص: 18 ] كتاب الرهن قولين أعني على يكتفى بمعاينة الحوز ، أو التحويز ، واختار الباجي الحوز قال : ولعل معناه قول محمد ، ولكن ظاهر لفظه خلافه ، وذكر ابن عبد السلام عن بعض الأندلسيين أن الذي جرى عليه العمل عندهم إذا كان رهنا ، وإن لم يحضروا الحيازة . وقول المصنف يعني وجد الرهن بيد المرتهن وقد حازه : بمعاينة أنه حاز يحتمل كلا من القولين لكن المفهوم من المعاينة أنه لا بد من الشهادة على التحويز ا هـ . فما ذكره ابن الحاجب المصنف من الاحتمال في قول إلا بالبينة بمعاينة أنه حاز يأتي مثله في قول المدونة إلا بمعاينة البينة لحوزه فعلم من هذا صحة ما أشار إليه ابن الحاجب المصنف بقوله وفيها دليلهما ، وسقط اعتراض الشارح وابن غازي فتأمله ، والله أعلم . وأما ابن عبد السلام فأول كلامه يقتضي : أن كلام محتمل لكل من القولين ، وآخره يقتضي قصره على الحوز فقط ، ونصه إثر كلام ابن الحاجب المتقدم ، وظاهر كلام ابن الحاجب المصنف أن مجرد معاينة البينة لحصول الرهن بيد المرتهن قبل الموت والفلس كاف في الحوز سواء كان بتحويز من الراهن له أو لم يكن ، وكلام المصنف عندي صحيح وهو موافق في المعنى لما قاله الباجي ا هـ . وذكر عن الباجي مثل ما نقل عنه في التوضيح أنه اختار الحوز فتأمله . وبعض الأندلسيين الذي أشار إليه ابن عبد السلام هو ابن عات كما قال ابن غازي وكلامه المذكور هو في أول الجزء الثامن في ترجمة قرض ، وكلامه فيها أتم مما نقله عنه ابن عبد السلام ونصه ، ومن الاستغناء إن كانت الحيازة بالمعاينة جاز ويخرج من إرادته إلى إرادة المرتهن وملكه ، والعمل على أنه إذا وجد بيده وقد حازه كان رهنا وإن لم يحضروا الحيازة ولا عاينوها ; لأنه صار مقبوضا وكذلك الصدقة ا هـ . فقول المصنف وبه عمل أشار به لكلام صاحب الطرر والله أعلم .
وانظر رسم الرهون الثاني من سماع عيسى من كتاب الرهون وكلام ابن رشد هناك فإن فيه شيئا مما يتعلق بالكلام على هذه المسألة .