الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                فأما الذي يرجع إلى نفسه فنوعان : أحدهما - وجوب الحد لكن في شهادة مخصوصة وهي الشهادة القائمة على الزنا ، وجملة الكلام فيه أن الرجوع عن الشهادة بالزنا ، إما أن يكون من جميع الشهود وإما أن يكون من بعضهم دون بعض ، فإن رجعوا جميعا يحدون حد القذف ، سواء رجعوا بعد القضاء أو قبل القضاء ، أما قبل القضاء ; فلأن كلامهم قبل القضاء انعقد قذفا لا شهادة ، إلا أنه لا يقام الحد عليهم للحال لاحتمال أن يصير شهادة بقرينة القضاء ، فإذا رجعوا فقد زال الاحتمال فبقي قذفا فيوجب الحد بالنص .

                                                                                                                                وأما بعد القضاء ; فلأن كلامهم وإن صار شهادة باتصال القضاء به فقد انقلب قذفا بالرجوع فصاروا بالرجوع قذفة فيحدون ، ولو رجعوا بعد القضاء والإمضاء ، فلا خلاف في أنهم يحدون إذا كان الحد جلدا ، وإن كان رجما فكذلك عند أصحابنا الثلاثة وقال زفر - رحمه الله - لا حد عليهم ، وجه قوله أنهم لما رجعوا بعد الاستيفاء تبين أن كلامهم وقع قذفا من حين وجوده ، فصار كما لو قذفوا صريحا ، ثم مات المقذوف ، وحد القذف لا يورث بلا خلاف بين أصحابنا فيسقط .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن بالرجوع لا يظهر أن كلامهم كان قذفا من حين وجوده ، وإنما يصير قذفا وقت الرجوع ، والمقذوف وقت الرجوع ميت فصار قذفا بعد الموت ، فيجب الحد هذا حكم الحد .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية