الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ومنها : دوام القبض عندنا ، وعند الشافعي رحمه الله ليس بشرط ، وبنيت عليه المشاع .

                                                                                                                                ( ولنا ) في إثبات هذا الشرط دليلان : أحدهما قوله تعالى { فرهان مقبوضة } أخبر الله سبحانه وتعالى أن المرهون مقبوض ، فيقتضي كونه مقبوضا ما دام مرهونا ; لأن إخباره سبحانه وتعالى لا يحتمل الخلف ، والشيوع يمنع دوام القبض فيمنع صحة الرهن والثاني أن الله تبارك وتعالى سماه رهنا ، وكذا يسمى رهنا في متعارف اللغة والشرع ، والرهن حبس في اللغة ، قال الله تبارك وتعالى { كل نفس بما كسبت رهينة } أي حبيسة بكسبها ، فيقتضي أن يكون محبوسا ما دام مرهونا ، والشياع يمنع دوام الحبس فيمنع جواز الرهن ، وسواء كان فيما يحتمل القسمة أو فيما لا يحتملها ; ; لأن الشيوع يمنع إدامة القبض فيهما جميعا ، وسواء كان الشيوع مقارنا أو طارئا في ظاهر الرواية ; ; لأن كل ذلك يمنع دوام القبض ، وسواء كان الرهن من أجنبي أو من شريكه ; لأنه لو جاز ، لأمسكه الشريك يوما بحكم الملك ويوما بحكم الرهن ; فتختلف جهة القبض والحبس فلا يدوم القبض والحبس من حيث المعنى ، ويصير كأنه رهنه يوما ، ويوما لا ، وذا لا يجوز .

                                                                                                                                وعلى هذا أيضا يخرج رهن ما هو متصل بعين ليس بمرهون ; ; لأن اتصاله بعين المرهون يمنع من إدامة القبض عليه وأنه شرط جواز الرهن ، ومنها أن يكون فارغا ما ليس بمرهون ، ومنها أن يكون منفصلا مميزا عما ليس بمرهون ، وخرجت على كل واحد منهما مسائله التي ذكرنا فافهم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية