الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : لا خير في أحد المتفاوضين يبتاع الأمة فيطؤها ، ويرد ثمنها في رأس المال ، ويتقاومانها ، فمن صارت له فهي له ، وحل له وطؤها . قاله مالك . قال ابن القاسم : ولك إبقاؤها للواطئ بالذي اشتراها به ، وإذا لم يسلمها ليس له الامتناع من المقاواة ، وردها للشركة . وقال غيره : ذلك له . وفي النكت : إن [ ص: 58 ] اشتراها للتجارة ، فوطئها ، فهاهنا يخير الشريك بين مطالبته بالقيمة ، وتركها بينهما ، أو اشتراها لنفسه ليطأها ، وعلى أن الخسارة فيها ، والربح على المال ، فهي مسألة الكتاب التي فيها المقاواة . ولو اشتراها بإذن شريكه على أن يضمنها إن حبس ، ولو ربحها فهو كسلف أسلفه شريكه . قال ابن يونس : إنما يتقاويان إذا أراد الوطء قبل الوطء ، أما بعده فتلزم القيمة إن شاء شريكه ، وبعد الحمل فتعين القيمة ، شاء شريكه أم لا ؛ لأنها أم ولد . قاله محمد . قال بعض القرويين : قوله " لزمت القيمة إن شاء شريكه " ، فيجب إن كان تكلم على إذن واحد لصاحبه ، فتجب القيمة شاء شريكه أم لا ; لأنه تحليل لما أذن فيه كل واحد لصاحبه ، فأشبه ما لو حللها له ، ففاتت بالوطء ، فلا خيار في ذلك ; لأنه من عارية الفروج . فأما بغير إذن ، فهو متعد إن شاء أمضاها له ; لأنه اشتراها لنفسه ، أو قاواه بعد الوطء . وإنما لم يبقها ابن القاسم على الشركة ; لأنه خشي أن يكون غير مأمون على بقائها عنده بخلاف الأمة بين الشريكين إذ هذا الشريك يغيب على ما اشتري ، ويتصرف في الجميع ، فخالف من شاركه في أمة فقط ، وغيره أجاز ردها للشركة ; لأنها كالأمة بينهما . وإذا لم يؤمن عليها منع من الخلوة بها .

                                                                                                                قال اللخمي : لا يجوز لأحدهما وطء جارية من الشركة ، ولا أن يشتري من المال ليطأ ، أذن الشريك أم لا ; لأن حل الوطء يشترط فيه الملك المحض . قال : وأرى إن كان الواطئ جاهلا جاز بقاؤها تحت أيديهما ، أو عالما لم تبق ، ويحوزها عنه الشريك الآخر إن كان مأمونا ، وله أهل ، وإلا فعلى يد عدل حتى تباع . وقد قال ابن القاسم : إذا وطئ أخته من الرضاعة بملك اليمين تباع عليه إن كان عالما بالتحريم ، وإلا فلا يؤمن عليه العودة . وإن اشتراها للتجارة ، وليصيبها ، وشراء مثلها للتجارة حسن ، نظر : وعلم بذلك قبل الإصابة لا يضمن الثمن ، وتبقى شركة . ولو وطئ بإذن الشريك لزمت القيمة حملت أم لا ; لأنه تحليل ، ومتى فعل أحدهما ذلك فحكمه حكم فعل أحدهما في الوطء ، أو غيره .

                                                                                                                [ ص: 59 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا وخر أحدهما غريما بدين ، أو وضع له منه استلافا ليعامله في المستقبل جاز كالوكيل المفوض بخلاف المعروف يختص بحصته ، ويرد من الآخذ من الوكيل إلا أن يهلك فيضمن الوكيل .

                                                                                                                في النكت : ليس الدفع للاستيلاف سلفا لنفع ; لأنه قد لا يعامله ، بل يفعل ذلك لحسن السمعة . قال اللخمي : إذا أخر الغريم ، فالتأخير في نصيبه إن لم يكن في قسمة الدين ضرر ، وإلا فإن قال من أخر : لم أظن أن ذلك يفسد شيئا من الشركة ؛ رد جميع ذلك ، وإن لم يؤخره حتى حل الأجل سقط الرجوع لعدم المفسدة ، فإن لم يجد الغريم بعد التأخير ضمن لشريكه نصيبه . وإن كان التأخير استيلافا لم يضمن المؤخر ، وإن أغر الغريم إلا أن يكون الغريم ممن يخشى عدمه عند الأداء فيرد في التأخير ، ويعجل جميع الحق ، وإن لم يرد حتى أغر ضمن الشريك إذا كان عالما بذلك . وقيل : يمتنع التأخير ، وإرادة الاستيلاف ; لأنه سلف بزيادة . وإن وضع أحد الشريكين فعلى ما تقدم في التأخير ، ويجوز على وجه المعروف ثم ينظر هل يمضي نصيب الواضع ، وتجوز إن أراد الاستيلاف إلا أن يكثر فيرد الزائد على ما يراد به الاستيلاف .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا أبضع أحدهما مع رجل فعلم الرجل بموت الباعث ، أو بموت شريكه ، وأن ما معه من الشركة لم يشتر ، ورده علة الحي منهما ، والورثة إن بلغه افتراقهما ; لأن الوارث لم يأذن في الشراء ، وقد انتقل المال إليه أو بعضه . قال اللخمي : فإن علم الذي أبضع معه بافتراقهما من غير موت فله الشراء بخلاف الموت . وإن علم في الموت أن المال من غير المفاوضة لم يكن له الشراء إذا مات المبضع معه ، وإن مات من لم يبضع ، فله الشراء ، وإن شك هل هو من المفاوضة لم يشتر لعدم تعين سبب الإقدام .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : لأحد المتفاوضين أن يبضع ، ويقارض دون إذن الآخر ، وإن [ ص: 60 ] أودع بغير عذر ضمن ، وإلا فلا كالمودع . وإن ردها المودع إلى غير المودع برئ إن صدقه القابض ، وإلا فلا يبرأ إلا ببينة ; لأنه لم يأتمنه . وكذلك دفعك ثمن ما ابتعته من أحدهما . وإن أودعك أحدهما ، فأودعت شريكه ضمن لعدم الإذن في ذلك إلا أن يكون لعورة من هزل ، أو سفر ، فإن أودعت أحدهما ، فهي بيده دون صاحبه ; لأنك لم تأمن صاحبه ، فإن مات ، ولم تعرف بعينها ، فهي دين في حصته دون حصة شريكه ; لأنها من غير التجارة . وإن عمل بوديعتك تعديا ، وعلم شريكه بالعدوان ، ورضي بالتجارة ، فلهما الربح ، وعليهما الضمان لرضاه ، وإلا فالربح للمتعدي ، وعليه الضمان خاصة لعدم المشاركة . وقال غيره : إن رضي وعمل ، فإنما له أجرة مثله فيما أعان ; لأنه لم يغصب ، بل عمل في المغصوب . وإن رضي ولم يعمل ، فلا شيء له ، ولا ضمان عليه .

                                                                                                                قال ابن يونس : لا يقارض أحد المتفاوضين أحدا إلا بإذن شريكه ; لأنه وضع يد على المال لم يرضها ، ويجوز في سلعة بعينها كالبضاعة . قال اللخمي : لو تجر فيما أودع عنده ، ونوى أن يكون تجره فيها لهما ، فلشريكه نصيبه من الربح دون الخسارة ; لأنه يختار الإجارة في الربح فقط إذا أخذ أحدهما قراضا . قال ابن القاسم : له الربح وحده لعدم اندراجه في العقد ، وقال أشهب : بينهما نظرا للمفاوضة . فإن أجر نفسه ، أو تسلف مالا ، فهو بينهما ; لأنها إنما سميت مفاوضة لتفويض كل واحد النظر فيما يجر نفعا . وقال أصبغ : الربح له ، وللآخر الأجرة إذا حلف لم يعمل متطوعا . قال اللخمي : إن عمل في وقت لم يتوجه عليه فيه عمل اختص بالربح ، وإن احتيج قيامه لشيء من ذلك ، فعمل صاحبه ، فلصاحبه الأكثر من الأجرة فيما عمل أو نصف ما أخذ في القراض . وإن استأجر مكانه رجع عليه بتلك الأجرة ، وإن لم يعلم الشريك الآخر ; لأنه لو كان غائبا ، ففسد شيء رجع عليه بما ينويه مما فسد ، وكذلك لو نزل سوقه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إن استعار أحد المتفاوضين بغير إذن صاحبه ما يحمل عليه لنفسه [ ص: 61 ] أو لمال الشركة فتلف فضمانه من المستعير فقط ; لأن شريكه يقول كنت تستأجر . وقال غيره : يضمن في التعدي دون العارية ; لأنها من جدة المنظر . وإن استعارا جميعا ، فتعدى عليها أحدهما اختص بالضمان ، وإن استعارها أحدهما للشركة ، فعمل عليها الآخر ذلك بعينه ، فعطبت لم يضمن ; لأنه المأذون فيه ، وشريكه كوكيله . وإن استعرت دابة لتحمل عليها ، فحمل عليها غيرك ضمن لعدم إذن ربها له ، ولا وكلته .

                                                                                                                وفي النكت : قال الشيخ أبو الحسن : إذا استعار أحد الشريكين بغير إذن شريكه ، إنه يضمن الدابة وحده ، معناه إن قضى بها قاض ; لأن أصل ابن القاسم أن الحيوان مما لا يغاب عليه ، فلا يضمن . قال اللخمي : يحمل قول ابن القاسم في ذكر الدابة تقريرا للقيمة ; لأنها مضمونة ، وقد يكون مذهب الحاكم في الموضع تضمين العواري ، وإن لم يغب عليها ، فإن كان الحاكم لا يرى ذلك ، فعزل قبل النظر في ذلك لكان الضمان عليهما ، وقيل : يضمنه ، وكذلك إن كان الأول يضمن ، والمستعير يجهل ذلك على اختلاف فيه . قال ابن القاسم : وليس كل الناس فقهاء . وقد اختلف في تضمين الوكيل إذا اجتهد فأخطأ ، وهذا عذر ، والغالب على الناس الرغبة في العارية توفيرا للأجرة ، والغالب السلامة . قال : فأرى الضمان عليهما ، وإن كانت مما يغاب عليه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : عبد أحد المتفاوضين لا يأذن له أحدهما في تجارة ، ولا يعتقه على مال يتعجله منه ، ولا يكاتبه بغير إذن شريكه إلا أن يأخذ مالا من أجنبي على عتقه مثل قيمته فأكثر فيجوز ، وهو كبيعه في النكت ; لأن العبد قد يلحقه دين فيصير عيبا ، ولأن الإذن له تفويض . وليس له المفاوضة بغير إذن شريكه ، وهو بخلاف إذا قارض أحد الشريكين ، فإنه يجوز .

                                                                                                                [ ص: 62 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : لا يلزم أحدهما كفالة الآخر ; لأنه معروف ، وما جنى أحدهما ، أو غصب ، أو استهلكت ، أو أصدق ، أو أجر فيه نفسه لا يلزم شريكه فيه شيء ; لأنه غير مقتضى عقد الشركة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : ويرد بالعيب على البائع منهما إن كان حاضرا ، أو إن كان غائبا كاليوم ، وينتظر لعل له حجة . فإن بعد ، وأقام المشتري البينة ببيع الإسلام ، وعهده رد على الشريك الآخر بالعيب القديم ، وإن احتمل الحدوث فعلى المشتري البينة أنه حادث عند البائع إلا إذا حلف الشريك ما علم ، فإن نكل حلف المبتاع ، ورد . قال ابن يونس : فلو حضر الغائب حلف على البت في الظاهر ، وعلى العلم في الخفي عند ابن القاسم ، وإن نكل . قال أبو محمد : يحلف المبتاع على البت . وفي كتاب محمد : إنما يحلف كما يحلف بائعه على البت في الظاهر ، وفي الخفي على العلم . فلو جاء الغائب ، وأقر أنه كان عالما لزم الشريك ، وللحالف الرد ، وإن أنكر الغائب ، فإن نكل فهل يرد عليه جميعا أو نصفه ليمين شريكه ، والأول أظهر ; لأن نكوله كإقراره ; لأنه المعامل ، ولا يضره يمين الشريك الحاضر ; لأنه إنما حلف على نفي العلم ، فلو نكل الشريك الذي لم يبع ، فحلف المبتاع وردها ثم قال الغائب لما قدم : أنا أحلف وأنقض الرد ، فالأظهر أن ذلك له ; لأن توقف صاحبه لعدم علمه ، وهذا علم . وقد يقال : له في ذلك نصفه ، ويقع الرد في النصف الآخر لنكوله ، ومتولي البيع كوكيله ، واليمين على الوكيل . قال اللخمي : إذا حضر البائع بدئ بالخصومة ; لأنه أعلم بما عقد عليه ، فإن عجز البائع ، فللمشتري تحليفهما جميعا إذا أشبه أن يكون عند الآخر علم . وإذا أقام البينة أنه اشترى على عهدة الإسلام أخذ الثمن من الحاضر ، وإن لم يقم بينة ، واختلفت العادة حلف أنه اشترى على العهدة . وإن شك في قدم العيب ، وكان شراء البائع لذلك في غيبة الحاضر ، أو في حضوره ، وباعه بالحضرة قبل علم الآخر لم يحلف الحاضر . ولو حلف أحدهما [ ص: 63 ] ونكل الآخر رد جميعه . وعند أشهب اليمين على العلم في الجلي والخفي ; لأن العيوب شأنها الخفاء .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : لو وجد أحدهما عيبا ، فرد به ، أو قبله ، وخالفه الآخر ، فالحكم للسابق منهما ، ويخير البائع فيما أراده الآخر . فإن سبق أحدهما بقبوله ثم رد الآخر سقط القيام بالعيب ، وخير البائع في الرد ، وإن سبق أحدهما بالرد ثبت الرد ، وخير البائع إن قبلها لم يكن للآخر ردها ، وإن اختار الرد لم يكن لمن سبق بالرد الامتناع إلا أن يعلم أن الذي فعله أحدهما فيه ضرر فيمضي ذلك في نصيب من رضي وحده .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا ابتعت من أحدهما ، فأقبضت الثمن بعد افتراقهما للبائع ، أو شريكه ، ولم تعلم افتراقهما ، فلا شيء عليك ; لأنه مما يخفى عليك . وإن علمت ضمنت حصة الآخر بخلاف قضاء الوكيل المفوض إذا أشهد على الخلع ، ولا يبرأ من دفع إليه ثمن ما باع ، أو غيره . قال غيره : إن لم يعلم الوكيل ، ولا الغريم بالحجر برئ الغريم ; لأن علم ذلك قد يخفى ، وإن علم بذلك أحدهما ، والآخر عالم أم لا لم يبرأ الغريم . قال في النكت : الفرق أن الشركة باقية في الدين بعد الافتراق ، والعزل يرفع يد الوكيل مطلقا . وقال بعض القرويين : قول الغير إذا خلعه ، وقبض ، وقد علم أحدهما بالدفع يضمن الدافع ، يريد لأن الغريم وإن لم يعلم ، فالوكيل لما علم بالخلع تعدى في القبض ، فهو ضامن لما أتلف فيرجع الدافع عليه ، ولا ضرر . قال ابن يونس : قال بعض القرويين : الأشبه ألا يضمن الغريم كما في الشريكين يفترقان ; لأن كل واحد منهما وكيل صاحبه على القبض ، وقد فرطا إذا لم يعلما . وقول الغير في إلزام الغريم بعلم الوكيل مشكل . وفي الموازية لو علم الذي عليه الدين ببينة ، فحكم عليه بالدفع للوكيل برئ ; لأنه مكره .

                                                                                                                [ ص: 64 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : يجوز شراء أحدهما من الآخر سلعة لنفسه ، أو للتجارة كالمقاسمة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : يلزم إقالة أحدهما فيما باعه هو ، أو شريكه ، وتوليته إلا بمحاباة ، فهو حينئذ كالمعروف لا يلزم إلا أن يجد نقصا للتجارة ، وإلا لزمه قدر حصته منه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إقرار أحدهما بدين من شركتهما لأبيه ، أو ولده ، أو جده ، أو جدته ، أو زوجته ، أو صديقه الملاطف ، أو من يتهم عليه - لا يلزم شريكه للتهمة بخلاف من لا يتهم عليه . ولو أقر أحدهما في دار ، أو غيرها من العروض أن نصفها لأجنبي حلف المدعي معه ، واستحق ; لأنه شاهد كإقرار وارث بدين على الميت . قال ابن يونس : كذلك كل من يدخل الضرر بإقراره على غيره يمتنع إقراره لمن يتهم عليه كالعبد المأذون ، والمريض . واختلف فيمن أحاط الدين بماله ، فإن جوزنا ، قلنا : بقية الدين في ذمته ، فلم يتهم ، وإن منعنا ، قلنا : لإضراره بالغرماء . قال اللخمي : يجري في إقراره بالتهم النفوذ كإقرار من تبين فلسه لمن يتهم عليه ، وفيه قولان ، وهاهنا أولى لانتزاع مال المفلس ، وبقي محتاجا فيوزع ما يعيش به ، ولا حاجة هاهنا لدين في الذمة . وإقرار أحدهما عند إرادة الافتراق جائز ، فإن افترقا ثم أقر أحدهما لم يقبل إقراره إذا طال الافتراق ، فإن قرب ، وادعى أنه نسي ، فخلاف .

                                                                                                                وقد اختلف في عامل القراض يدعي بعد المقاسمة أنه أنفق ، ونسي المحاسبة بذلك ، منعه ابن القاسم ، وقال مالك : يحلف ، وله ذلك ، والشريك مثله . فإن أقر أحدهما بعد موت الآخر ، فجعله في الكتاب شاهدا ، ولم يقبل قوله ، وقال سحنون : يصدق الشريك ، ويلزم الورثة ، وهو أصوب ; لأن الموت ليس بافتراق لعدم المحاسبة ، وصونا لأموال الناس . واختلف في العبد يحجر عليه بعد الإذن ، والمكاتب يعجز ، والقبول أولى ; لأن تصرفاتهما لا تعلم إلا من قبلهما ، وليس العادة الإشهاد في كل شيء . وإنما أجاز في الكتاب شهادته ; لأنه لم ير عليه بعد النكول إلا نصف الحق ، فلم تجب شهادته [ ص: 65 ] نفعا ، ولا دفعت ضررا . وكذلك اختلف في شهادة الحميل على من تحمل عنه ، والجواز أحسن . وإذا كانا شريكين في شيء بعينه امتنع إقرار أحدهما على صاحبه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا مات أحدهما ؛ لا يحدث الآخر في المال ، ولا في السلعة شيئا إلا برضا الورثة لانقطاع الشركة ، فإن أقام أجنبي بينة أن مائة دينار من الشركة كانت عند الميت ، فلم توجد ، ولا علم مصرفها ، وموته قريب من أخذها ، ويظن أنه لم يشغلها ، فهي في حصته . وإن تطاول وقته لم يلزمه ; لأن شأن الشريك الحوز والتصرف ، فلا يضمن لعدم تعين العدوان . قال ابن يونس : قال محمد : إن أشهد على نفسه بأخذ المائة لم يبرأ إلا بشاهدين على الرد طال أم لا ; لأن قرينة الإشهاد تقتضي الالتزام . وأما الإقرار من غير قصد إشهاد ، فما قال ابن القاسم .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية