الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الركن الرابع : المحل . وفي الجواهر : هو المال ، والأعمال ، فعقد الشركة في المال بيع لبيع كل واحد منهما نصف متاعه بنصف متاع صاحبه لكنه بيع لا مناجزة فيه لبقاء يد كل واحد منهما على ماله بسبب الشركة . لكن الإجماع منعقد على جواز الشركة بالدنانير من الجانبين ، والدراهم منهما على غير قياس . وفي القياس عليه خلاف . قاس ابن القاسم الطعام - على العبد - المتفق كيلا وصفة ، ومنع في الدنانير من أحدهما ، والدراهم من عند الآخر ، والطعامين المختلفين . وتجوز بالعرضين المتفقين في الصفة قولا واحدا . ومنع مالك الطعامين المختلفين . وتجوز من صنف واحد في إحدى الروايتين ، وشرط في الذهبين اتفاق الصرف ، وإن اختلفت السكة . ولا يضر اختلاف العرضين ، ولا في القيمة ، ورأس مال كل واحد منهما ما قوم به عرضه . ولو وقعت بالعرضين فاسدة لكان رأس مال كل واحد ما بيع به عرضه ، ومنعها ( ش ) بغير المثليات ، ولا ينفع التقويم عنده . ومنع السبائك ، والنقار للرجوع فيها إلى القيمة . وتجوز في المثلين من الحيوان ، والأقطار ، والأدهان ، ومنعه ( ح ) قياسا على القراض . والفرق احتياج القراض إلى رد عين رأس المال ، وربما غلا فيستغرق الربح فيذهب عمل العامل بخلاف الشركة . قال ( ش ) ، و ( ح ) : إن احتاجا إلى الشركة بالعرضين باع كل واحد نصف عرضه بنصف عرض صاحبه فيصير الجميع مشتركا ، ويشترط القبض حذرا من التلف فينقض البيع . وقال ( ح ) : لا يجوز إلا بالنقدين ، والفلوس .

                                                                                                                تمهيد : منشأ اختلاف العلماء ملاحظة قواعد :

                                                                                                                [ ص: 22 ] إحداها : أن الرخص هل يقاس عليها أم لا ، وهي مسألة قولين في الأصول ، فمن منع لم يلحق بالنقدين غيرهما .

                                                                                                                وثانيها : قاعدة سد الذرائع ، فإن الغالب على العقلاء عدم القصد إلى المعاوضة بين المثليات إلا لغرض ، فإذا اشتركا بمثلين كان الغرض الإرفاق بالشركة لا المعاوضة . وإن اشتركا بمختلفين كان الغرض المبايعة ، وهو ممنوع من الشركة لعدم التأخير ، وعدم القبض ، ودخول النساء في النقدين . فمن لاحظ هذه منع إلا في المثليات ، ومن لم يلاحظ ، ولاحظ أن الضرورة قد تدعو للشركة بقسم المختلفات عليه جوزه .

                                                                                                                وثالثها : ملاحظة القياس على القراض ، وقد تقدم الكلام عليه .

                                                                                                                القاعدة الرابعة : ملاحظة ربح ما لم يضمن في العروض لتوقع تأخير بيع عرض أحدهما فيغلو فيباع بأكثر من قيمته وقت الشركة ، فإن أعطينا ربح الزائد لصاحبه ، فقد أفردنا أحدهما بربح ، وهو خلاف عقد الشركة ، أو لا ، كان قليل المال مثل كثيره في الربح بخلاف غير المتميز لا يتعين فيه غلاء ، ولا رخص .

                                                                                                                فائدة : قال أبو عبيدة : العرض - بسكون الراء - ما ليس موزونا ، ولا مكيلا ، ولا حيوانا ، ولا عقارا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : لا تجوز إلا بالأموال ، وعمل الأبدان إن كانت صنعة واحدة ، وتمتنع بالذمم بغير مال ، وعلى أن يضمنا ما ابتاع كل واحد منهما كانا في بلد ، أو في بلدين يجهز كل واحد على صاحبه تفاوضا كذلك في تجارة الرقيق ، أو في جميع التجارات ، أو بعضهما ، وكذلك إن اشتركا بمال قليل على أن يتداينا ; لأن كل واحد يقول احمل عني نصف ما اشتريت على أن أحمل عنك نصف ما اشتريت إلا أن يجتمعا في شراء سلعة معينة حاضرة ، أو غائبة فيشتريانها بدين فيجوز ذلك إن كانا حاضرين لوقوع العهدة عليهما ، وإن ضمن أحدهما عن صاحبه ، فذلك جائز .

                                                                                                                قال صاحب النكت : الفرق بين شريكي المال يجوز افتراقهما في موضعين [ ص: 23 ] وامتناع افتراق شريكي البدن أن شريكي المال حصلت الشركة بينهما فيه ، فلا يضر افتراقهما ، وشريكا البدن إذا افترقا لم يبق بينهما شركة . قال ابن يونس : قال بعض أصحابنا في آخر مسألة الكتاب : إنما يجوز ذلك إذا كانت أنصباؤهما متفقة ، فإن اختلفت فلا يضمن صاحب النصيب الأقل إلا مثل ما يضمن عنه صاحب الأكثر . قال بعض القرويين : ويتبع البائع كل واحد منهما بالنصف إذا لم يكن علم أنهما اشتركا على الثلث ، والثلثين ، ويتراجعان بينهما ، وإن علم اتبعهما بحصتهما . وإنما يحمل كل واحد عن صاحبه إذا استوت أجزاؤهما ; لأن كل واحد يحمل مثل ما يحمل عنه الآخر . ويمتنع ذلك في سلعتين يختص كل واحد بسلعة ، أو تحمل أحدهما عن الآخر على أن تحمل الآخر عنه . كما يمتنع أسلفني بشرط أن أسلفك . وإنما أجيز في الشركة للعمل . قال أصبغ : إذا وقعت الشركة بالذمم ، فما اشتريا بينهما على ما عقدا ، وتفسخ الشركة . وكره ابن القاسم أن يخرجا مالا أن يتجرا به بالدين مفاوضة ، فإن فعلا . قال : فما اشترى كل واحد منهما بينهما ، وإن جاوز رءوس أموالهما . قال بعض القرويين : إنما لزم كل واحد منهما ما اشترى صاحبه في شركة الذمم ; لأنه كان عنده من باب الوكالة الفاسدة ، وقياس قول ابن القاسم اختصاص كل واحد بمشتراه ، وهو تأويل سحنون عليه لقوله يلزمني نصف مشتراك ، وبالعكس ، فأشبه المعاوضة بالسلعتين اللتين يشتريان ، فلم يلزم ذلك شريكه كما إذا تشاركا بسلعتين شركة فاسدة لا يكون البيع فيها فوتا يوجب على كل واحد نصف سلعة صاحبه ; لأن يد كل واحد على سلعته ، فكذلك هاهنا .

                                                                                                                قال اللخمي : تجوز بالدراهم والدنانير بخمسة شروط : استواء الصنف من العين ، والربح ، والخسارة على قدر الأموال ، وأن يكون المال بينهما على الأمانة . واختلف في اشتراط الخلط ، فلم يره مالك ، وابن القاسم ; لأن المقصود المبايعة ، وقيل : يشترط ; لأنه مبايعة تفتقر إلى مناجزة في النقدين ، وإن اختلفت السلعة والقيمة لم يشتركا بالقيمة ; لأنه ربا ، وبالمساواة ; لأنه زيادة في الشركة من أحدهما ، وأجازها ابن القاسم في اليسير ، والقياس المنع كالمبادلة في الدنانير بشرط السلف . ومنع [ ص: 24 ] محمد عشرة دنانير قائمة ، ومن الآخر عشرة تنقص حبتين ; لأنه لم يرد المعروف ، ولولا مقارنة الشركة جاز ; لأن نصف ذلك على ملك صاحبها ، فما وقعت المبادلة إلا في خمسة . فإن عقدا على سلعة واحدة ، ووزن واحد ثم أحضر أحدهما أجود ، أو كانا قبل ذلك يتكارمان جاز .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : لأحدهما تبر ، وللآخر مسكوك ، وتساوى الذهبان ، فإن كثر فضل السكة لم يجز ، وإن كافأت جودة اليسير السكة ، فقولان كدراهم لأحدهما ، ودنانير للآخر ; لأنها حينئذ مبايعة ، فتجوز إذا تقابضا التبر ، والدنانير .

                                                                                                                نظائر : قال ابن بشير : اليسير مغتفر في نحو عشرين مسألة : في الغرر في البيع ، والعمل في الصلاة ، والنجاسة إذا وقعت في إناء على الخلاف ، وفي الطعام إذا وقع في الماء اليسير ولم يتغير ، ولا يمنع الوجوب في نصاب الزكاة في الضحك في الصلاة ، وفي نقصان سننها ، ولا يمنع من تصرف المريض ، وفي العيب لا يرد به ، وكذلك إذا حدث عند المشتري لا يرده إذا رد ، وإذا زاده الوكيل على ما أمر لزم ، وإذا زاده أحد الشركاء عل صاحبه لا يفسد الشركة سوى الأموال ، والأحمال ، والتفاوت اليسير بين السكتين لا يمنع الشركة ، وفي هبة العبد من ماله ، والوصي من مال يتيمه ، وعلى وجه المصلحة ، وتنفيذ شراء السفيه اليسير لبنيه ، وفي قراءة الجنب ، وفي الكتابة إلى الكفار بالقرآن ، وفي قراءة المصلي كتابا في الصلاة ليس قرآنا إذا لم ينطق به ، وكذلك إنصاته لمخبر في الصلاة ، وفي بدل الناقص بالوازن ، وفيما إذا باع سلعة بدينار إلا درهمين إلى أجل ، وفي الصرف في المسجد ، ووصي الأم يصح تصرفه فيه دون الكثير ، ويغتفر عند انفصال الشريكين إذا بقي ثوب على أحدهما يسير القيمة ، وكذلك عامل القراض ، وكذلك الزوج تجب عليه الكسوة إذا كان الذي بقي عليها يسير الثمن . ويشترط على المغارس العمل اليسير ، وكذلك المساقي ، وعامل القراض على رب المال ، وفي الأخذ من طريق المسلمين إذا كان لا يضر ، ويترك للمفلس من ماله نحو نفقة الشهر .

                                                                                                                [ ص: 25 ] فرع

                                                                                                                قال : فإن شرطا العمل نصفين ، والربح والخسارة أثلاثا ، والمال : مائة لأحدهما ، ومائتان للآخر - رجع صاحب المائة بأجرة مثله في خمسين ، وكان الربح والخسارة أثلاثا ، فإن شرطا العمل حاشية فسدت ، سواء كانت الخسارة أثلاثا ، أو الربح والخسارة أثلاثا ، فتكون الخمسون عند صاحب المائة على وجه الهبة ، أو على وجه السلف ، فإن كان له ربحها ، وخسارتها على صاحبها ، فربحها لربها اتفاقا ; لأنه عمل فيها على أنها باقية على ملك صاحبها لما كانت خسارتها ومصيبتها منه ، وإن جعل خسارتها من الآخر فتكون سلفا ، أو هبة ، ولا ترجع بعد اليوم قولان : ضمانها من المسلف ، أو الموهوب ، وربحها له ، والثاني : ضمانها من صاحبها ، وربحها له لأن الآخر لم يمكن منها تمكينا صحيحا لما اشترط أن يتجر بها في جملة المال ، ولا يبين بها ، والتحجير يمنع انتقال ضمانها . وعلى هذا انتقال ضمانها ، وعلى هذا يتخرج قوله في المدونة ; لأنه إنما أسلفه الخمسين على أن أعانه بالعمل ، فأراه مفسوخا ، ولا ضمان عليه ، وضمانها من صاحبها ، وربحها له ، ووضيعتها عليه ، ويريد أنه إن قصد أن تكون سلفا ، فلا يكون ذلك ; لأن مضمون سلفه أن يتجر بها في المال ، ولأن يد صاحب المائتين مطلقة في جميع المال . ويختلف في رجوع العامل بأجرة المثل في الخمسين الزائدة ، ففي المدونة يرجع ، وإن خسر المال ، وعن مالك لا ، وهو أحسن ; لأن صاحب المائة استأجره .

                                                                                                                وإن كان جميع العمل على صاحب المال على أن الربح والخسارة نصفان فيختلف في ضمانه خمسين ، فإن ضمناه فله ربحها ، وإلا فلربها ، ويرجع العامل بأجرة المثل في مائة وخمسين ; لأنه عملها لربها . ويختلف في الإجارة عن خمسين ; لأنه عملها لربها . وإن شرطا الربح نصفين ، والخسارة أثلاثا جاز ، والمائتان قراض على الربع ، ولم يضره شرط خلط المائتين على أحد قولي مالك ، ولم يتكلم مالك على هذا الوجه ، بل إذا شرط الربح والخسارة نصفين . ولو علم أن صاحب [ ص: 26 ] المائتين قصد المعروف ، أو صدقة ، أو نحوها ، وإلا لم يجز . ثم يختلف هل يضمن ذلك السلف ، أو الهبة أم لا لأجل التحجير ، ويسقط الضمان عنه على أحد القولين ، وإن انفرد بالعمل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال مالك : شارك بمائتي دينار من له مائة ، ولصاحب المائتين غلامان يعملان معه ، فدخل عليهما نقص ، فهو على قدر المالين ، ولا للشريك في ذلك أجرة لاعتدال الأبدان . وعنه قديما : له أجرة مثله ، والأول أحسن إن كان الغلامان يحسنان التجارة ، فإن كانا يخدمان ، فله أجرة مثله في المائتين ، وعليه أجرة الغلامين فيما ينويه من خدمتهما .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا لم يخلط ، فثلاثة أحوال : يجمعان المائتين بموضع ، ويشتريان بهما ، أو يشتريان قبل الجمع ، وكل واحد متمكن من الشراء بمال صاحبه ، أو يشترطان ألا يجمعا ، وأن يكون الشراء بهما على الانفراد ، فالشركة في القسمين الأولين إذا اشتريا قبل الجمع والخلط - جائزة ، وكل شيء اشتري بمال أحدهما شركة بينهما ، ومصيبة ما هلك مما اشتري من مال أحدهما منهما ; لأنه فعل ما أمره به ، فهو ملكه ، والضائع قبل الشراء وقبل الجمع ، فمن صاحبه . قاله مالك إذا بقي في المشترى حق توفيه من وزن ، ونحوه . أما لو تلف المشترى عند صاحبه على وجه الشركة لكان منهما ; لأن الخلط ليس بشرط الصحة . وقال سحنون : لا تنعقد إلا بخلط المالين ، وحمل أمرهما فيما أخرجا من الدنانير على المبايعة باع كلاهما نصف ملكه بنصف ملك صاحبه ، فهي مصارفة . فإذا خلط كان ذلك قبضا وفوتا . وقياس قوله : إذا قبض كلاهما دنانير صاحبه ، فهو قبض ، ومناجزة ، وإن لم يخلط ; لأن المقبوض نصفه صرف ، ونصفه وديعة . ولو صرف رجل منك دنانير ليكون لك نصفها ، ونصفها وديعة جاز . ولو قبض الشريك دنانير صاحبه ، ولم يقبض الآخر شيئا لم تصح الشركة على أصله ، وقول [ ص: 27 ] مالك أحسن ; لأن القصد التجر بها دون المبايعة فيهما . وعلى قول مالك إن هلاك المشترى منهما لو لم يهلك ، وفيه ربح فهو لهما إذا أخرج الآخر مثل دنانير صاحبه ، وإن عجز عن الحلف فلا ربح له ; لأن شريكه لم يرض أن يكون للآخر في ماله ربح إلا أن يكون للآخر في ماله ربح . ومذهبمالك وابن القاسم أن ربح المال الغائب لهما على قدر ماليته فيه . وإن شرطا أن يشتري كل واحد بمائة بانفراد من غير خلط فسدت الشركة ، وما اشتراه أحدهما فله ربحه ، وعليه وضيعته . وإن جالت أيديهما في المال ، واشترى كل واحد بمال الآخر ، فهل تكون شركة ، أو لمن اشتري بماله قولان . وقال ( ش ) : يشترط اتحاد السكة في النقدين ، ولم يشترطه ( ح ) لاتحاد الجنس ، وعارضته الشافعية بأنه لا يقضى بأحدهما عن الآخر في الإتلاف ، والأثمان . واشترط أيضا الخلط ; لأن الشركة في الفرع الذي هو الربح فرع الشركة في الأصل الذي هو المال . ومع الامتياز لا شركة . ولم يشترطه ( ح ) قياسا على المضاربة ، والوكالة ، ولأن استحقاق الربح مضاف للعقد ، وهو حاصل لا للخلط .

                                                                                                                نظائر : قال ابن بشير : للشركة بالعين خمسة شروط : استواء صفة العين ، واستواء العمل ، والربح ، والخسران على قدر الأموال ، والمال بينهما على الأمانة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : اختلف في الشركة بمالين : حاضر وغائب ، أجازه مالك ، وابن القاسم ، ومنعه سحنون على أصله أنها مبايعة ، والأول أحسن . ولو كانت مبايعة امتنع إخراج أحدهما مائة دينار وألف درهم ، والآخر مثلها ، وفي المزارعة كلاهما البذر وأحدهما العمل ، والآخر الأداة ; لأنه طعام بطعام معهما شيء آخر . قال مالك : إذا أخرج ألفا وخمسمائة ، والآخر خمسمائة وله ألف غائب ، فاشتري بالألفين ، فالربح بينهما أرباع . وقال محمد : إن كان كذبه ، وخدعه ، فإن باع أولا فعلى النصف . قال : وأرى أن يسأل العامل عن الوجه الذي اشتري عليه ، فإن قال : على الأرباع على قدر أموالنا قبل قوله ، وله حينئذ ربع الربح قولا واحدا . وإن هلك المال قبل وصولها ، وخسر فيه بعد بيعه لم يضمن العامل بالمال المقيم شيئا . وإن قال : اشتريت ليكون [ ص: 28 ] نصفين قبل قوله ، فإن هلك قبل بلوغه ، أو خسر ضمن للمقيم خمسمائة إن هلك المال ، وما ينويها من الخسارة ، وإن ربحا ، فالربح أرباع . ويختلف أمر الخسارة والربح ، فإن خسر قال المقيم أنا أمضي ذلك للمشتري حسب ما ألزمت نفسك ، واشتريت عليه ، وإن ربح ، قال : لم أرض أن يكون لك في مالي نصيب إلا أن يكون لي في مالك مثله . وإلى هذا ذهب غير ابن القاسم . وعلى القول إن الربح أرباع اختلف في الأجرة ، فقال ابن القاسم : لا شيء للذي يسافر من الأجرة ، وهو متطوع ، وقال سحنون : له الأقل من أجرة المثل والربح .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : إن أخرج أحدهما دنانير ، والآخر دراهم منعه مالك في الكتاب ، وأجازه في كتاب محمد إذا تناجزا بالحضرة ، فأخذ مخرج الدنانير الدراهم ، وأخذ الآخر الدنانير ; لأنها مصارفة . وعلى القول بالمنع إن اشترى بالمالين صفقة واحدة كانت بينهما على قدر ما أخرجاه يوم الشراء لا يوم المفاصلة ، فإن أخرج أحدهما ألف درهم ، والآخر مائة دينار ، والصرف وقت الشراء عشرين درهما بدينار ، فالمشترى بينهما أثلاثا . وإن اشترى بينهما على قدر الصرف يوم الشراء كالأولى . وإن علم ما اشتري بكل مال لم تكن بينهما شركة ، ولكل واحد ما اشترى بماله له ربحه ، وعليه خسارته . ومحمل قول ابن القاسم في المدونة على الشراء بالمالين جملة ، واختلط عليها ، ومحمل قوله يعطى هذا بقدر دنانيره ، والآخر بقدر دراهمه أن ذلك إذا لم يتغير الصرف ، وإلا اقتسما أثلاثا حسب ما كان وقت الشراء ; لأن التجارة ، والمبلغ التي اشتريا كانت بينهما كذلك ( كذا ) ، فلو غلت الدراهم حتى صارت الألف تعدل المائة لم يكن الثمن الذي يبيعها به أنصافا ; لأن السلع كانت أثلاثا . ولو فعلا ذلك لاختص صاحب الدراهم ببعض مال صاحبه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية